و
يدلّ عليه ما روي عن طريق أهل السنّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم أنّه
قال: «لا تنكحوا القرابة القريبة فإنّ الولد يخلق ضاوياً»
[2].
قال
العسقلاني في تلخيص الحبير: «هذا الحديث تبع في إيراده إمام الحرمين هو و القاضي
الحسين».
و
قال ابن الصلاح: «لم أجد له أصلًا معتمداً، و قد وقع في غريب الحديث لابن قتيبة،
قال: جاء في الحديث: «اغربوا لا تضوُوا». و فسّره بأنّ معنى الضاوي هو النحيف
الجسم» [3].
و
ذكر في النهاية: «اغتربوا لا تضوُوا. أي تزوّجوا الغرائب دون القرائب، فإنّ ولد
الغريبة أنجب و أقوى من ولد القريبة، و قد أضوت المرأة إذا ولدت ولداً ضعيفاً،
فمعنى لا تُضوُوا: لا تأتوا بأولاد ضاوين أي ضعفاء نحفاء»
[4].
نقول:
هذا القول موافق لما أثبتته العلوم الطبّية الحديثة من أنّ النكاح مع القريبة
ربّما يوجب سريان الأمراض الوراثية من الزوجين إلى الولد، فيولد الطفل مريضاً أو
مستعدّاً لقبول الأمراض المختلفة.
و
يمكن الجمع بين هذا القول- و إن لم نظفر على مستند له- و الذي قبله بحمله على
القرابة القريبة مثل نكاح أولاد الأعمام، و حمل الآخر على القرابة البعيدة مثل
نكاح أحفاد الأعمام [5]
[1] العزيز شرح الوجيز 7: 467، روضة الطالبين 6:
14، البيان 9: 117، المغني 7: 469، مغني المحتاج 3: 127.
[2] ذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث
و الأثر 3: 106.
[5] اللهمّ إلّا أن يقال بمنافاته مع ما نُقل عن
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أنّه قال: «بنونا لبناتنا و بناتنا لبنينا»
و يمكن هنا جمع آخر، و هو أنّ استحباب النكاح مع الأقارب ليس إلّا من جهة انضمام
صلة الرحم، و لكن النهي عن النكاح معهم من جهة الأولاد و الآثار فليس بينهما تعارض
م ج ف.
اسم الکتاب : أحكام الأطفال المؤلف : جمع من المحققين الجزء : 1 صفحة : 60