responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبسوط الحج و العمره المؤلف : القائني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 390

فإذا لم يكتفِ الشارع في الردع عن القياس- مع عدم عموم العمل به- بالعمومات الناهية عن العمل بالظنّ فكيف يكتفي في مثل الظواهر والخبر بذلك؟!

وهذه النكتة عامّة سيّالة في كلّ مورد ثبت للعرف واللغة وضع في لفظ خاصّ أو تركيب؛ فلاحظ وتأمّل فيه فإنّه حقيق به‌ [1].


[1] نعم، بعض النصوص يجوز الاستدلال بعمومها بلا حاجة إلى ضمّ هذه الضميمة؛ بحيث لو كان للعرف وضع خاصّ في الشهر أمكن الردع بها عنه؛ كما في صحيح هشام الآتي؛ فإنّ الموضوع فيها شهادة البيّنة على صوم أهل البلد الآخر؛ وليس العنوان فيه أنّ البيّنة شهدت على الشهر، فتأمّل.

قصور صحيح أبان عن الردع عن قياس الأولويّة

ثمّ إنّا على الأساس المتقدّم قد ذكرنا عدم صحّة الاستدلال بصحيح أبان للردع عن قياس الأولويّة لو عمّه لفظ القياس بما له من المفهوم عرفاً ولغةً حقيقةً.

وبيان ذلك: إنّه ربّما يشكل على المعروف بين الشيعة من حجّية قياس الأولويّة؛ مع بطلان غيره من القياس وإن كان معمولًا به عند غالب أهل السنّة، بأنّ هذا القياس مندرج في عموم أدلّة النهي عن القياس في صحيح أبان وغيره- الوسائل 19: 268، الباب 44 من ديات الأعضاء، الحديث 1-؛ بل ربّما يقال بأنّ صحيح أبان مورده النهي عن قياس الأولويّة، حيث كان أبان قد أعمل ذلك في إبطال الحكم بكون دية قطع أربع أصابع عشرين بعد كون دية قطع ثلاث أصابع ثلاثين؛ فوبّخه الإمام عليه السلام على ذلك وردعه عن مثله.

والجواب:

أمّا أوّلًا: فلأنّ قياس الأولويّة راجع إلى دلالة اللفظ وظهوره ولو كان أساس الظهور ومبناه هو القياس في الأذهان؛ فالعبرة في مورده بالظهور لا بالقياس؛ والعمل والاعتماد على اللفظ لا على منشأ الدلالة؛ فلا يعمّه النهي عن العمل بالقياس الذي هو عبارة عن تعيين مناط الحكم وملاكه ظنّاً؛ وتسرية الحكم أو تخصيصه على أساس تشخيص المناط تخميناً. والسرّ فيه: أنّ النهي متعلّق بأمر اختياري، وما هو الاختياري هو إعمال مثل هذا القياس؛ وأمّا الظهور فهو ليس أمراً اختياريّاً للمكلّفين بعد تحقّق الوضع والدلالة.

وثانياً: لو سلّم عموم النهي عن القياس بما يشمل إعماله ولو في انقداح الظهور، ويكون العمل الاختياري المنهيّ عنه العمل على وفق الظهور الناشئ من القياس، ولكن العموم لا يصلح للردع عن السير العقلائية العامّة المرتكزة؛ ألا ترى أنّه لا يصحّ الردع عن أصل حجّية الظهور بالعمومات الناهية عن اتّباع الظنّ؛ فكذا الردع عن خصوص قسم من الظهور لا يكون بالعموم؛ لا تلك العمومات ولا عموم النهي عن القياس.

وأمّا معتبرة أبان فالنهي والتهويل بالقياس فيها فهو باعتبار أنّ أبان أعمل القياس- ولو قياس الأولويّة- بعد ورود النصّ بخلافه. وأنت تعلم أنّ العمل بالظهور سواء كان قياس الأولويّة أو غيره لا مجال له بعد ورود النصّ بخلافه.

ألا ترى أنّه لا مجال للعمل بعموم أو إطلاق بعد ورود الخاصّ والمقيّد بخلافهما. ومع ذلك فهما حجّتان حيث لم يثبت المنافي، فالمعتبرة ناظرة إلى الاجتهاد بعد النصّ؛ وهذا غير الردع عن العمل بقياس الأولويّة بدون النصّ على خلافه.

وبالجملة: فالمعتبرة مانعة عن إعمال الظهور- ولو على أساس المناسبات- في فرض النصّ بخلافه؛ وأنّه لا ينبغي التعويل على الأقيسة في ردّ الروايات؛ فإنّه موجب لمحق الدِّين بل هو عينه؛ لأنّ الدِّين هو ما يستفاد من النصوص؛ فإذا كان الأصل هو القياس كان الدِّين هو ما يستفاد من القياس لا النصوص، وهذا عين إبطال النصوص والشريعة.

وبذلك يندفع ما قد يتوهّم من أنّ: أبان كان جازماً بكذب النصّ، فكيف رُدع عن موقفه في ردّ الرواية بعدما كان جازماً بكذبها.

توضيح الاندفاع: أنّ الإمام حسب المعتبرة نبّهه على أنّه لا ينبغي أن يقطع المتشرّع مع ورود النصّ بخلاف القياس- ولو قياس الأولويّة- فكان تغيّر الإمام عليه السلام وتعنيفه على أبان باعتبار إصراره على موقفه تجاه الراوي حتّى بعد تنبيه الإمام له على الحكم؛ وإن كان في موقفه قبل لقاء الإمام عليه السلام معذوراً؛ لكونه قاطعاً، والقطع حجّة.

ويحتمل كون تعنيف الإمام لأبان بلحاظ ظرف قطعه وموقفه تجاه الراوي وكونه مقصّراً في ذلك القطع، لابتناء قطعه على التقصير في المذهب وأنّه يجوز جعل الحكم على خلاف موازين القياس.

مع أنّه لم يكن مورد معتبرة أبان من قياس الأولويّة حيث إنّه لم يتمّ فيها ظهور على أساس القياس بعد اتّصال الكلام بما يمنع من ظهوره في قياس الاولى بلا حاجة إلى ما يمنع من اعتباره.

اسم الکتاب : المبسوط الحج و العمره المؤلف : القائني، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 390
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست