يذكر
المحقق الخوئي في هذا الجواب أنّه كما بيّنا في الجواب عن الدليل الأوّل أنّ
متعلّق الشك هو عنوان الشيء بعد المضيّ الشامل للصحة والوجود فإنّ هنا أيضاً لا
يلزم إشكال اجتماع لحاظين متغايرين على ملحوظ واحد فيما لو ألغينا خصوصية الكلّية
والجزئية بجعل لفظ عام كلفظ (الشيء) بعنوان الكبرى.
الظاهر
أنّ هذا الجواب تامّ وصحيح [1] لأنّ اجتماع اللحاظين المتغايرين إنّما يلزم فيما لو لاحظ الشارع
المقدّس في الكبرى الكلّية الجزء والكلّ بخصوصياتها أمّا لو الغيت الخصوصية عنهما
واستعمل في الكبرى عنوان عام كلّي بحيث يشمل الجزء والكلّ معاً فلا يلزم المحذور.
ج-
(الثالث ما ذكرناه أخيراً من أنّ الشك في صحة الصلاة مثلًا بعد الفراغ منها يكون
ناشئاً من الشك في وجود الجزء أو الشرط فيكون مورداً لقاعدة التجاوز ويحكم بوجود
المشكوك فيه فلا حاجة إلى جعل قاعدة الفراغ مستقلًا)
[2].
الجواب
الثالث للسيد الخوئي يعاكس جواب المحقق النائيني وذلك أنّ الميرزا النائيني كان
يرى أنّ هناك مجعولًا شرعياً واحداً يسمّى بقاعدة الفراغ، أمّا
[1]. أورد بعض الفضلاء بأنّ عنوان عدم الاعتناء
بالشكّ في الشيء بعد المضي عنه لا يمكن أن يكون جامعاً بين قاعدتي الفراغ
والتجاوز إذ كما ذكر الأستاذ المعظّم في الأبحاث السابقة أنّ القدر الجامع يجب أن
يكون قريباً بين عنواني الصحة والوجود وليس كذلك عنوان الشيء بعد المضيّ لشموله
لعناوين أخرى كالموالاة والترتيب أو الركعة مع أنّ قاعدة الفراغ والتجاوز لا تجري
فيها ولم يحكم أحدٌ بأنّ من شك في الركعة الثالثة من الثلاثية هل جاء بالركعة
الثانية أولا؟ بوجوب البناء على الإتيان بل تبطل الصلاة بهذا الشك، إلا أن نقول
بأنّ عنوان الشيء الوارد في الروايات لا يشمل العناوين التي ليس لها ما بإزاء
مستقل وكانت من العناوين الانتزاعية كما التزم بذلك المحقق العراقي في الموالاة
والترتيب (نهاية الأفكار ج 3/ 4 ص 39) لكن يجب عليه حينئذٍ أن يلتزم بأن قاعدة
الفراغ الجارية في الشك في الشيء بعد الفراغ لا تجري في كلّ من العبادات
والمعاملات لأن عناوين العبادات كالصلاة والصوم والمعاملات كالبيع والنكاح برمّتها
عناوين انتزاعية.
[2]. السيد محمد سرور الواعظ الحسيني: مصباح
الأصول 3: 273.