فإنّه
قد استنتج من هذا المطلب بأنّ مَن يعتقد في هذا المثال بوجوب البناء من جهة على
وجود الظهر وإنّ هذه الصلاة إنّما يؤتى بها بنيّة العصر، ومن جهة أخرى لو كان
الوقت باقياً بعد الإتيان بالصلاة وجب الإتيان بصلاة الظهر بمقتضى استصحاب عدم
إتيانها.
فلا
تنافي بين هاتين الجهتين- أي قاعدة التجاوز واستصحاب عدم إتيان الظهر- وما اشتهر
من حكومة قاعدة التجاوز على استصحاب العدم فلا ينطبق على هذا المثال بالنسبة إلى
صلاة الظهر فلا حكومة هنا، نعم لقاعدة التجاوز حكومة بالنسبة إلى شرطية تقدّم صلاة
الظهر على صلاة العصر فإنّ العلم الإجمالي بكذب أحدهما موجود، إمّا أولًا فلا
يستلزم محذور المخالفة العملية، وثانياً لا مانع بالتفكيك بين المتلازمين في
الأحكام الظاهرية، ولهذا التفكيك موارد كثيرة في الفقه.
المطلب
الثاني: تابع فيه البحث من خلال مثالين على نحو الاستقلال:
المثال
الأول: بعد أن استفدنا وجوب الترتيب من أدلّة صلاتي الظهر والعصر نستفيد
من أدلّة مشروعية العدول فيما لو اشتغل بصلاة العصر وتذكّر أنّه نسي الظهر وجب
العدول إلى صلاة الظهر، يستفاد من ذلك شرطية تقدّم صلاة الظهر على صلاة العصر
بالنسبة إلى جميع أجزائها بمعنى أنّ كلّ جزء من أجزاء صلاة العصر مشروط مستقلًا،
ويستفاد من هذه الشرطية اشتراطات متعدّدة بحسب تعدّد الأجزاء.
وبعبارة
أخرى أنّه لا وجود لمشروط واحد اسمه صلاة العصر وهي لا تلاحظ على أنها عمل واحد.