)
من غير وجود عبارة (مما قد مضى) لكان الإشكال الثاني وارداً لكن قوله (ع):
(مما قد مضى) مع كون (من) في (ممّا) بيانية يفيد للمكلّف الملاك ويفهمه بأنّ
المراد من هذا المبهم هو الشيء الذي قد مضى. فيكون هذا التعبير (مما قد مضى) رافعاً للإبهام عن ما
الموصولة والأصوليون يتّفقون على أن تعليق الحكم مشعرٌ بالعليّة فيكون (مما قد مضى) بمعنى (لأنه مضى) فلا
يبقى إبهام مع وجود قوله (ع): (مما قد مضى) ولا يكون المورد من دوران الأمر بين الأقل والأكثر ليُستفاد من تلك
القاعدة الأصولية.
الجواب
الثاني عن هذا الإشكال:
إنّ
هذا الشك من أصله ليس منحصراً في المركبّات بل قد يشمل الأمور البسيطة أيضاً مثلًا
في باب الإحرام على القول بأنّ الإحرام أمرٌ بسيط فإنّ المكلّف لو خرج من الميقات
وشكّ في أنّه هل أحرم على النحو الصحيح أولا تمسّكنا بقاعدة الفراغ في الحكم بصحّة
إحرامه.
وعليه
فإنّ المستفاد من عموم قوله (مما قد مضى) هو أنّ كلّما مضى محلّه لا ينبغي أن يُشكَّ في صحّته فلا اختصاص
لقاعدة الفراغ بالمركبات بل تجري في البسائط أيضاً، فالحاصل أنّ التعبير ب- (كلّما
شككت فيه مّما قد مضى) تعبير عامّ يشمل جميع أبواب الفقه.
التعبير
الثاني في روايات قاعدة الفراغ الذي يستفاد منه التعميم هو التعليل الوارد في ذيل
موثقة بكير بن أعين وهو قوله (ع): (
هو
حين يتوضأ أذكر منه حين يشك
) [1] بتقريب أن يقال: بإلغاء الخصوصية من
كلمة (يتوضأ) فيكون ملاك
[1]. محمد بن حسن الحرّ العاملي: وسائل الشيعة ج
1 باب 42 من أبواب الوضوء ص 471 حديث 7.