responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأربع: قواعد أصولیة و فقهیة المؤلف : عدة من الأفاضل    الجزء : 1  صفحة : 44

فهرس الرسالة الصفحة 40

ممكن ـ كما عرفت ـ من غير فرق بين الحسن والقبيح، فعموم قدرته لكل ممكن ممّا لاشبهة فيه، ولكن حكم العقل بأنّ الفعل الفلاني قبيح لايصدر عن الحكيم، ليس تحديداً لملكه وقدرته. وهذا هو المهم في حلّ عقدة الأشاعرة الذين يزعمون أنّ قضاء العقل وحكمه في أفعاله سبحانه نوع تدخّل في شؤون ربّ العالمين، ولكن الواقع ليس ذلك.

توضيحه: أنّ العقل بفضل التجربة، أو بفضل البراهين العقلية، يكشف عن القوانين السائدة على الطبيعة، كما يكشف عن القوانين الرياضية، فلو قال العقل: إنّ كل زوج ينقسم إلى متساويين، فهل يحتمل أنّ العقل بذلك فرض حكمه على الطبيعة، أو يقال: إنّ الطبيعة كانت تحمل ذلك القانون والعقل كشفه وبيّنه؟ فإذا كان هذا هو الفرق بين فرض الحكم وكشفه في عالم الطبيعة، فليكن هو الفارق بين إدراكه حسن الفعل وقبحه وأنّ أيّ فعل يصدر منه أو لايصدر منه، وبين فرضه الحكم على اللّه سبحانه فرضاً يحدد سعة قدرته وإرادته وفعله. فليس العقل هنا حاكماً وفارضاً على اللّه سبحانه، بل هو ـ بالنظر إلى اللّه تعالى وصفاته التي منها الكمال والغنى ـ يكشف عن أنّ الموصوف بمثل هذه الصفات وخاصة الحكمة، لايصدر منه القبيح، ولاالإخلال بما هو حسن.

وبعبارة أُخرى: أنّ العقل يكشف عن أنّ المتصف بكل كمال، والغنيّ عن كل شيء، يمتنع أن يصدر منه الفعل القبيح، لتحقّق الصارف عنه، وعدم الداعي إليه، وهذا الامتناع ليس امتناعاً ذاتياً حتى لايقدر على الخلاف، ولاينافي كونه تعالى قادراً عليه بالذات، ولاينافي اختياره في فعل الحسن وترك القبيح، فإنّ كلاً من الفعل والترك بالاختيار، وهذا معنى ما ذهبت إليه العدلية من أنّه يمتنع عليه القبائح.ولايهدف به إلى تحديد فعله من جانب العقل، بل اللّه بحكم أنّه حكيم، التزم وكتب على نفسه أن لايخلّ بالحسن ولايفعل القبيح.وليس دور العقل هنا إلاّ دور الكشف والتبيين بالنظر إلى صفاته وحكمته.

اسم الکتاب : الرسائل الأربع: قواعد أصولیة و فقهیة المؤلف : عدة من الأفاضل    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست