responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرسائل الأربع: قواعد أصولیة و فقهیة المؤلف : عدة من الأفاضل    الجزء : 1  صفحة : 282

فهرس الرسالة الصفحة 184

وربما يناقش في ذلك ويقال: بأنّ ملاحظة مجرّد هذه الأحاديث وإن كانت ربّما توجب استشعار الحرمة لمطلق ما كان مضرّاً إلاّ أنّ الرجوع إلى سائر الأدلّة من الرّوايات بل الآية المباركة يرفع هذا الاستشعار والاستدلال فانّهاتدلّ على أنّ سرّ حرمة الصيام على المرضى هو أنّ اللّه تعالى قد أهدى إلى عباده المرضى والمسافرين هديّة الافطار...فإذا صام المريض ردّ هدية اللّه تعالى ردّاً عمليّاً فكان صيامه بما أنّه ردّ لهديّة اللّه معصية وكان الافطار له واجباً، وعليه فليس ايجاب الافطار للمريض إذا أضرّ به الصيام دليلاً على حرمة ايراد الضرر بالنفس بل ايجاب الافطار على المريض كايجابه على المسافر من باب واحد.

يلاحظ عليه: صحيح أنّ الظاهر من الآية وصريح الحديث هو أنّ حكم الافطار للمسافر والمريض هديّة وامتنان وصدقة من اللّه إلى العباد، إلاّ انّنا نعلم بأنّ أحكام اللّه سبحانه على العموم ومنها امتناناته ليست اعتباطيّة، بل ناشئة عن حكمة الهيّة بالغة ترتبط بجلب المنافع والمصالح للعباد أو دفع المضارّ والمفاسد عنهم.وهذه الحكمة تارة تكون تعبّدية لا يفهمها البشر وعليه أن يتعبّد بها، وتارة تكون واضحة للإنسان بايحاء عقله أو باشارة النصوص إلى وجهها.

وما نحن فيه من القسم الأخير فإنّ اللّه سبحانه رفع وجوب الصّوم عن المريض والمسافر لما يلاقيان عادة ونوعاً من الحرج والضّرر والمشقّة بسببه فامتنّ اللّه عليهما برفع هذا الوجوب وقد أشار سبحانه إلى وجه العلّة أو الحكمة لهذا الحكم في نفس الآية بقوله: (يريد اللّه بكم اليسر ولايريد بكم العسر) [1]، ولولا أنّ في تحمّل الحرج والضرر حزازة ومفسدة لايرتضيها اللّه سبحانه للإنسان لما صدر ذلك الامتنان منه برفع وجوب الصوم عن المسافر والمريض، وخاصّة بالنسبة إلى الأخير، فانّ المسافر وجب عليه الافطار لصرف عذر السفر وإن لم يكن سفره حرجياً وموجباً للعسر، ولكنّ المريض الذي جاز له الافطار بل وجب عليه هو خصوص المتضرّر منه، وأمّا القادر على الصّوم أي الذي لايوجب الصوم فيه شدّة أو طول


[1]البقرة/185.

اسم الکتاب : الرسائل الأربع: قواعد أصولیة و فقهیة المؤلف : عدة من الأفاضل    الجزء : 1  صفحة : 282
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست