responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 90

الواحدة لا تضل عن الشهادة و لا تنسى فقد اتصفت المرأة الواحدة في الشهادة بأخبار الحق عنها بصفة إلهية و هو قول موسى الذي حكي عنه في القرآن لاٰ يَضِلُّ رَبِّي وَ لاٰ يَنْسىٰ و لو لم يكن في شرف التأنيث إلا إطلاق الذات على اللّٰه و إطلاق الصفة و كلاهما لفظ التأنيث جبر القلب المرأة الذي يكسره من لا علم له من الرجال بالأمر و قد نهانا الشارع أن نتفكر في ذات اللّٰه و ما منعنا من الكلام في توحيد اللّٰه بل أمر بذلك فقال فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ اللّٰهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ و هو هنا ما يخطر لمن نظر في توحيد اللّٰه من طلب ماهيته و حقيقته و هو معرفة ذاته التي ما تعرف و حجر التفكر فيها لعظيم قدرها و عدم المناسبة بينها و بين ما يتوهم أن يكون دليلا عليها فلا يتصورها وهم و لا يقيدها عقل بل لها الجلال و التعظيم بل لا يجوز أن تطلب بما كما طلب فرعون فأخطأ في السؤال و لهذا عدل موسى ع عن جواب سؤاله لأن السؤال إذا كان خطأ لا يلزم الجواب عنه و كان مجلس عامة فلذلك تكلم موسى بما تكلم به و رأى فرعون أنه ما أجابه على حد ما سأل لأنه تخيل أن سؤاله ذلك متوجه و ما علم إن ذات الحق تعالى لا تدخل تحت مطلب ما و إنما تدخل تحت مطلب هل و هل سؤال عن وجود المسئول عنه هل هو متحقق أم لا فقال فرعون و قد علم ما وقع فيه من الجهل إشغالا للحاضرين لئلا يتفطنوا لذلك إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ و لو لا ما علم الحق فرعون ما أثبت في هذا الكلام أنه أرسله مرسل و أنه ما جاء من نفسه لأنه دعا إلى غيره و كذا نسبه فرعون إلى ما كان عليه موسى فوصفه بأنه مجنون أي مستور عنكم فلا تعرفونه فعرفه موسى بجوابه إياه و ما عرفه الحاضرون كما عرفه علماء السحرة و ما عرفه الجاهلون بالسحر و بقيت تلك الخميرة عند فرعون يختمر بها عجين طينته و ما ظهر حكمها و لا اختمر عجينه إلا في الوقت الذي قال فيه آمنت بالذي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرٰائِيلَ و ما سمى اللّٰه ليرفع اللبس و الشك إذ قدم علم الحاضرون أن بنى إسرائيل ما آمنت إلا بالإله الذي جاء موسى و هارون من عنده إليهم فلو قال آمنت بالله و هو قد قرر إنه ما علم لقومه من إله غيره لقالوا لنفسه شهد لا للذي أرسل موسى إلينا كما شهد اللّٰه لنفسه فرفع هذا اللبس بما قاله و أما تحقيق هذه المسألة فما يعرف ذلك إلا من يعرف مرتبة الطبيعة من الأمر الإلهي فإن المرأة من الرجل بمنزلة الطبيعة من الأمر الإلهي لأن المرأة محل وجود أعيان الأبناء كما إن الطبيعة للأمر الإلهي محل ظهور أعيان الأجسام فيها تكونت و عنها ظهرت فأمر بلا طبيعة لا يكون و طبيعة بلا أمر لا تكون فالكون متوقف على الأمرين و لا تقل إن اللّٰه قادر على إيجاد شيء من غير إن ينفعل أمر آخر فإن اللّٰه يرد عليك في ذلك بقوله إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فتلك الشيئية العامة لكل شيء خاص و هو الذي وقع فيها الاشتراك هي التي أثبتناها و إن الأمر الإلهي عليها يتوجه لظهور شيء خاص في تلك الشيئية المطلقة فإذا ظهرت الأجسام أو الأجساد ظهرت الصور و الأشكال و الأعراض و جميع القوي الروحانية و الحسية و ربما قيل هو المعبر عنه بلسان الشرع العلماء الذي هو للحق قبل خلق الخلق ما تحته هواء و ما فوقه هواء فذكره و سماه باسم موجود يقبل الصور و الأشكال و قد ذكرنا مرتبة الطبيعة و هي هذه الشيئية المطلقة في كتاب النكاح الأول الذي ظهر عنه العالم أسفله و أعلاه و كل ما سوى اللّٰه من كثيف و لطيف و معقول و محسوس متصف بالوجود فلا نعرف منها إلا قدر ما يظهر لنا كما لا نعرف من الأسماء الإلهية إلا قدر ما وصل إلينا فمن عرف مرتبة الطبيعة عرف مرتبة المرأة و من عرف الأمر الإلهي فقد عرف مرتبة الرجل و أن الموجودات مما سوى اللّٰه متوقف وجودها على هاتين الحقيقتين غير إن هذه الحقيقة تخفى و تدق بحيث يجهلها أبناؤها من العقول فلا تثبتها في العالم البسيط و تثبتها في العالم المركب و ذلك لجهلها بمرتبتها كما جهلت هنا مرتبة المرأة مع تنبيه الشارع على منزلتها

بقوله ص إن النساء شقائق الرجال فالأمر بينهما يكون علوا و سفلا أ لا ترى التجليات و الروحانيات المتجسدة هل تظهر في غير صور طبيعية و إن كانت تلك الأجساد سريعة الاستحالة فلم تخرج عنها و هذا منزل واسع يتسع المجال فيه فلنذكر أمهات ما يتضمنه من المسائل دون التفريع فمنها من أي مقام ينادي المؤمن و هل يختلف النداء باختلاف المنادي أم لا و في هذا المنزل أيضا علم سبب العداوة بين اللّٰه و بين خلقه و هل من شرط العداوة أن توجد من الطرفين أو من الطرف الواحد و هل يعادي أحد من أجل أحد أو لا تكون العداوة إلا من أجل نفسه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست