responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 56

فلا يتعدى كشف الولي في العلوم الإلهية فوق ما يعطيه كتاب نبيه و وحيه قال الجنيد في هذا المقام علمنا هذا مقيد بالكتاب و السنة و قال الآخر كل فتح لا يشهد له الكتاب و السنة فليس بشيء فلا يفتح لولي قط إلا في الفهم في الكتاب العزيز فلهذا قال مٰا فَرَّطْنٰا فِي الْكِتٰابِ مِنْ شَيْءٍ و قال في ألواح موسى وَ كَتَبْنٰا لَهُ فِي الْأَلْوٰاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فلا يخرج علم الولي جملة واحدة عن الكتاب و السنة فإن خرج أحد عن ذلك فليس بعلم و لا علم ولاية معا بل إذا حققته وجدته جهلا و الجهل عدم و العلم وجود محقق فالولي لا يأمر أبدا بعلم فيه تشريع ناسخ لشرعه و لكن قد يلهم لترتيب صورة لا عين لها في الشرع من حيث مجموعها و لكن من حيث تفصيل كل جزء منها وجدته أمرا مشروعا فهو تركيب أمور مشروعة أضاف بعضها إلى بعض هذا الولي أو أضيفت له بطريق الإلقاء أو اللقاء أو الكتابة فظهر بصورة لم تظهر في الشرع بجمعيتها فهذا القدر له من التشريع و ما خرج بهذا الفعل من الشرع المكلف به فإن الشارع قد شرع له إنه يشرع مثل هذا فما شرع إلا عن أمر الشارع فما خرج عن أمره فمثل هذا قد يؤمر به الولي من هناك و أما خلاف هذا فلا فإن قلت و أين جعل اللّٰه للولي العالم ذلك بلسان الشرع قلنا

قال ص من سن سنة حسنة كان له أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا فقد سن له أن يسن و لكن مما لا يخالف فيه شرعا مشروعا ليحل به ما حرم أو يحرم به ما حلل فهذا حظ الولي من النبوة إذا سن من هنالك و هو جزء من أجزاء النبوة كما هي المبشرات من أجزاء النبوة و كثير من الأشياء على ذلك فالأسماء الإلهية لها على كل معراج ظهور و لهذا تخبر كل طائفة ممن ذكرنا عن ربها في أوقات بغير واسطة و هو قوله ع لي وقت لا يسعني فيه غير ربي و هذا المقام لكل شخص من الخلق أ لم يقل إن كل مصل يناجي ربه فأين الوسائط في هذا المقام و كذلك في الدار الآخرة في الموقف

قال ص ما منكم من أحد إلا سيكلمه اللّٰه كفاحا ليس بينه و بينه ترجمان و كذا هو الآن غير أن في القيامة يعرف كل أحد أن ربه يكلمه و في الدنيا لا يعرف ذلك إلا العلماء بالله أصحاب العلامات فيعرفون كلام اللّٰه إياهم فسبحان من خلقنا أطوارا : و جعل لنا على علم الغيب و الشهادة دليلا ليلا و نهارا فمحا آية الليل لدلالتها على الغيب و جعل آية النهار مبصرة : لدلالتها على عالم الشهادة فمنا من كلم ربه غيبا و هو التجلي المشبه بالقمر ليلة البدر فذلك الإبدار صفتك أي إذا كملت حينئذ كلمك الحق في تجلى القمر بدرا لأنه بذاته مع كل موجود و منا من كلمه ربه شهادة و هو التجلي المشبه بالشمس ليس دونها سحاب قال العارف

يا مؤنسي بالليل إذ هجع الورى و محدثي من بينهم بنهار
و بعد أن بانت لك المعارج و المدارج و ظهرت لك المراتب و من لها من العالم و امتازت كل طائفة من غيرها بمعراجها فقد نجز بعض الغرض من هذا الباب فلنذكر أمهات ما يحوي عليه من العلوم فإنه منزل شريف و هو يحوي على نحو من سبعين علما أو يزيد على ذلك فلنذكر منها الأمهات التي لا بد منها و في ضمنها يندرج ما بقي فمنها علم السؤال فإنه ما كل أحد يعلم كيف يسأل فقد يكون للسائل في نفسه أمر ما و لا يحسن يسأل عنه فإذا سأل أفسده بسؤاله و وقع له الجواب على غير ما في نفسه و يتخيل أن المجيب ما فهم عنه و العيب إنما كان من السائل حيث لم يفهم المسئول صورة ما في نفسه و يتصور هذا كثير في الدعاوي عند الحكام و تحريرها

قال ص إنكم تختصمون إلي و لعل أحدكم يكون ألحن بحجته من الآخر و معناه أكثر إصابة و مطابقة لما في نفسه عند دعواه ممن لا يحسن ذلك فهو علم مستقل في كل ما يسأل عنه أو يدعى فيه و له شروط معلومة مذكورة و فيه علم القدر القضاء و الحكم و فيه علم مقامات الأملاك عمار الأفلاك منهم و غير عمارها و علم المقادير و علم الزمان و علم أحوال الناس في القيامة و علم النور و علم الجسر الذي يكون عليه الناس إذا تبدل الأرض و هو دون الظلمة و علم الظلمة و علم طبقات جهنم و تفاصيلها و أحوال الخلق فيها و علم الإنسان و ما جبل عليه و هل ينتقل عما جبل عليه أم يستحيل ذلك و علم الديمومية و علم محادثة الحق و علم أداء الحقوق و علم المحاضرة و علم الخوف و علم الحفظ الإلهي و علم مجاوزة الحدود و ما يتجاوز منها و ما لا يتجاوز و هل لكل حد مطلع أم لا و علم مراعاة الأمور إذا تعرضت للإنسان في طريق سلوكه إلى ربه و علم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست