responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 520

من الطب علم تقويم الصحة كما أنه بالأبدال تنحفظ الأقاليم و بالأوتاد ينحفظ الجنوب و الشمال و المغرب و المشرق و بالإمامين ينحفظ عالم الغيب الذي في عالم الدنيا و عالم الشهادة و هو ما أدركه الحس و بالقطب ينحفظ جميع هؤلاء فإنه الذي يدور عليه أمر عالم الكون و الفساد و هؤلاء على قلب أربعة عشر نبيا و هم آدم و إدريس و نوح و إبراهيم و يوسف و هود و صالح و موسى و داود و سليمان و يحيى و هارون و عيسى و محمد سلام اللّٰه عليهم و عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و لكل واحد ممن ذكرنا طريق يخصه و علم ينصه و خبر يقصه و يرثه من ذكرناه ممن ليست له نبوة التشريع و إن كانت له النبوة العامة فلنذكر من ذلك ما تيسر فإنه يطول الشرح فيه و يتفرع إلى ما لا يكاد أن ينحصر و لهم من الأسماء الإلهية اللّٰه و الرب و الهادي و الرحيم و الرحمن و الشافي و القاهر و المميت و المحيي و الجميل و القادر و الخالق و الجواد و المقسط كل اسم إلهي من هذه ينظر إلى قلب نبي ممن ذكرنا و كل نبي يفيض على كل وارث فالنبي كالبرزخ بين الأسماء و الورثة و لهم من حروف المعجم حروف أوائل السور و هي الألف و اللام و الميم و الصاد و الراء و الكاف و الهاء و الياء و العين و الطاء و السين و الحاء و القاف و النون هذا لهم من حيث الإمداد الإلهي الذي يأتيهم في قلوبهم و إنما الذي يأتيهم من الحروف في صور خيالهم بالإمداد أيضا فالدال فالذال و العين و النون و الصاد و الراء و الألف و الطاء و الحاء و الواو و الضاد و الغين و اللام و الميم و التاء و الكاف و الباء و السين و القاف و الياء و الهاء و الحرف المركب من لام ألف الذي هو للحروف بمنزلة الجوهر و هذه الحروف من عالم الأنفاس الإلهية و ما تركب من الكلمات من هذه الحروف خاصة مما وقع عليها الاصطلاح في كل لسان بما تكون به الفائدة في ذلك اللسان فإن تلك الكلمات لها على ما قيل لي خواص في العالم ليست لسائر الكلم و أما الأرواح النورية فعين لهؤلاء الأنبياء منهم أربعة عشر روحا من أمر اللّٰه ينزلون من الأسماء التي ذكرناها الإلهية على قلوب الأنبياء و تلقيها حقائق الأنبياء ع على قلوب من ذكرناه من الورثة و يحصل للفرد الواحد من الأفراد وراثة الجماعة المذكورة فيأخذون علم الورث من طريق المذكورين من الأرواح الملكية و الأنبياء البشريين و يأخذون بالوجه الخاص من الأسماء الإلهية علوما لا يعلمها من ذكرناه سوى محمد ص فإن له هذا العلم كله لأنه أخبر أنه قد علم علم الأولين و علم الآخرين اعلم أن لله كنوزا في الطبيعة التي تحت عرش العماء اكتنز فيها أمورا فيها سعادة العباد كاختزان الذهب في المعدن و صور هذه الكنوز صور الكلمات المركبة من الحروف اللفظية فلا تظهر إذا أراد اللّٰه إظهارها إلا على ظهر أرض أجسام البشر على ألسنتهم و إنفاقها و الانتفاع بها عين التلفظ بها مثل قول الإنسان لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فهذه الكلمات من الكنوز المنصوص عليها من اللّٰه على لسان رسوله ص و أول ما أظهرها اللّٰه تعالى على لسان آدم ع فهو أول من أنفق من هذا الكنز في الطواف بالكعبة حين

أنزله جبريل فطاف به بالكعبة فسأله ما كنتم تقولون في طوافكم بهذا البيت فقال جبريل ع كنا نقول في طوافنا بهذا البيت سبحان اللّٰه و الحمد لله و لا إله إلا اللّٰه و اللّٰه أكبر فأعطى اللّٰه آدم و بنيه من حيث لا تعلمه الملائكة كلمة لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فقال آدم لجبريل ع و أزيدكم أنا لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم فبقيت سنة في الذكر في الطواف لبنيه و لكل طائف به إلى يوم القيامة فأخبر رسول اللّٰه ص أن هذه الكلمة أعطيها آدم ع من كنز من تحت العرش فالكنوز المكتنزة تحت العرش إنما هي مكتنزة في نشأتنا فإذا أراد اللّٰه إظهار كنز منها أظهره على ألسنتنا و جعل ذلك قربة إليه فانفاقه النطق به و هكذا جميع ما اكتنزه مما فيه قربة و ما ليس بقربة فما هو مكتنز بل يخلق في الوقت في لسان العبد و كانت صورة اختزانه إذ لا يختزن إلا أمر وجودي أن اللّٰه لما أراد إيجاد هذا المكتنز تجلى في صورة آدمية ثم تكلم بهذا الأمر الذي يريد أن يكتنزه لنا أو لمن شاء من خلقه فإذا تكلم به أسمعه ذلك المكان الذي يختزنه فيه فيمسك عليه فإذا أنشأ اللّٰه ذلك المكان صورة ظهر هذا الكنز في نطق تلك الصورة فانتفع بظهوره عند اللّٰه ثم لم يزل ينتقل في السنة الذاكرين به دائما أبدا و لم يكن كنزا إلا فيمن ظهر منه ابتداء لا في كل من ظهر منه بحكم الانتقال و الحفظ و هكذا

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست