responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 519

لم يخرج من النار و العالم منا هنا بصورة ما عبده المشرك ما نزحزح عن علمه في الدنيا و لا في الآخرة لأنه لم تقع عينه في الدنيا و لا تعلق علمه إلا على المعبود في تلك الصورة و المشرك لم يكن حاله كذلك و إنما كان حاله شهودا لصورة فرجع المشرك عنها في الآخرة و لم يرجع العالم فلو رجع لكان من الجاحدين فلا يصح له أن يرجع

فالشرك باق و لكن ليس يعلمه إلا الذي شاهد الأعيان و الصورا
فمن يقول بتوحيد أصاب و من يقول بالشرك فيه صدق الخبرا
إن الشريك لمعدوم و ليس له في عين عابدة عين و لا أثرا
و في هذا المنزل من العلوم لا يعلمه نبي و لا ولي كان قبل هذه الأمة اختص بعلمه هذا الرسول محمد ص و هذه الأمة المحمدية فالكامل من هذه الأمة حصل له هذا المقام ظاهرا و باطنا و غير الكامل حصل له ظاهرا أو باطنا و لم يكمل له و لكن شمله لكونه من الأمة أمة محمد ص و لا يكاثر من أمته إلا بالمؤمنين منهم صغيرا كان المؤمن أو كبيرا فإن الذرية تابعة للآباء في الايمان و لا يتبعونهم في الكفر إن كان الآباء كفارا و لكن تعزل كفار كل أمة بمعزل عن كفار الأمة الأخرى فإن العقوبة تعظم بعظم من كفر به هذا هو المعهود إلا كفار هذه الأمة فإنهم أخف الناس عذابا لكون من كفرت برسالته التي أرسله اللّٰه بها رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ و قد أبان اللّٰه ذلك في الدنيا و جعله عنوان حكم الآخرة و ذلك

أن رسول اللّٰه محمدا ص لما اشتد قيامه في اللّٰه و غيرته على الحق في قصة رعل و ذكوان و عصية جعل يدعو عليهم في كل صلاة شهرا كاملا و هو القنوت فأوحى اللّٰه تعالى إليه في ذلك لما علم من إجابته إياه إذا دعاه في أمر فنهاه عن الدعاء عليهم إبقاء لهم و رحمة بهم فقال وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ أي لترحمهم فإنه مرسل إلى جميع الناس كافة ليرحمهم بأنواع وجوه الرحمة و من وجوه الرحمة أن يدعو لهم بالتوفيق و الهداية و

قد صح عنه ص أنه كان يقول اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون و نهى عن الدعاء عليهم فإذا كان من أشرك به يعتب رسوله ص في الدعاء عليهم فكيف يكون فعله فيهم إذا تولى سبحانه الحكم فيهم بنفسه و قد علمنا أنه تعالى ما ندبنا إلى خلق كريم إلا كان هو أولى به فمن هنا يعلم ما حكمه في المشركين يوم القيامة من أمة محمد ص و إن أخذهم اللّٰه بالشرك في الآخرة إذ لا بد من المؤاخذة و لكن مؤاخذته إياهم فيها لطف إلهي لا يستوي فيه مشرك غير هذه الأمة بمشركها أعرف ذلك اللطف و لا أصرح به كما ذكر ص فيمن أصابتهم النار من هذه الأمة بذنوبهم بل من الأمم إن اللّٰه يميتهم فيها أمانة الحديث و قد مر في هذا الكتاب خرجه مسلم في صحيحه و قد رميت بك على الطريق لتعلم حكم اللّٰه في هذه الأمة المحمدية مؤمنها و الكافر بها فإن كفر الكافر منها لا يخرجه عن الدعوة فله أو عليه حكمها و لا بد فهم خير أمة أُخْرِجَتْ لِلنّٰاسِ المؤمن منهم بإيمانه و الكافر منهم بكفره هما خير من كل مؤمن من غير هذه الأمة و كافر و هذا الذي ذكرناه في هذا المنزل بالنظر إلى ما يحويه من العلوم جزء من ألف جزء بل من آلاف وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثالث و الثمانون و ثلاثمائة في معرفة منزل العظمة الجامعة للعظمات المحمدية»



إن العظيم إذا عظمته نزلا و إن تعاظمت جلت ذاته فعلا
فهو الذي أبطل الأكوان أجمعها من باب غيرته و هو الذي فعلا
و ليس يدرك ما قلنا سوى رجل قد جاوز الملأ العلوي و الرسلا
و هام فيمن يظن الخلق أجمعه تحصيله و سها عن نفسه و سلا
ذاك الرسول رسول اللّٰه أحمدنا رب الوسيلة في أوصافه كملا

[حكم صاحب الزمان و الأوتاد و الأبدال]

اعلم أن لهذا المنزل أربعة عشر حكما الأول يختص بصاحب الزمان و الثاني و الثالث يختص بالإمامين و الرابع و الخامس و السادس و السابع يختص بالأوتاد و الثامن و التاسع و العاشر و الأحد عشر و الأحد عشر و الاثنا عشر و الثالث عشر و الرابع عشر يختص بالأبدال و بهذه الأحكام يحفظ اللّٰه عالم الدنيا فمن علم هذا المنزل علم كيف يحفظ اللّٰه الوجود على عالم الدنيا و نظيره

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 519
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست