responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 502

فيه فعله فاعمل به لأمره و هذا معنى قول اللّٰه إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ و ما رأينا أحدا ممن رأيناه أو سمعنا عنه عمل على هذا القدم إلا رجل كبير باليمن يقال له الحداد رآه الشيخ ربيع بن محمود المارديني الخطاب و أخبر أنه كان على هذا الحال من الاقتداء أخبرني بذلك صاحبي الخادم عبد اللّٰه بدر الحبشي عن الشيخ ربيع فلتتبعه في كل شيء لأن اللّٰه يقول لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ما لم يخصص شيئا من ذلك بنهي عن فعله و

قال ص صلوا كما رأيتمونى أصلي و

قال في الحج خذوا عني مناسككم و إذا حججت فإن قدرت على الهدى فأدخل به محرما بالحج أو العمرة و إن حجت مرة أخرى فأدخل أيضا إن قدرت على الهدى محرما بالحج و إن لم تجد هديا فاحذر أن تدخل محرما بالحج لكن ادخل متمتعا بعمرة مفردة فإذا طفت و سعيت فحل من إحرامك الحل كله ثم بعد ذلك أحرم بالحج و أنسك نسيكة كما أمرت و اعزم على أن لا تخل بشيء من أفعاله و ما ظهر من أحواله مما أبيح لك من ذلك و التزم آدابه كلها جهد الاستطاعة لا تترك شيئا من ذلك إذا ورد مما أنت مستطيع عليه فإن اللّٰه ما كلفك إلا وسعك فابذله و لا تترك منه شيئا فإن النتيجة لذلك عظيمة لا يقدر قدرها و هي محبة اللّٰه إياك و قد علمت حكم الحب في المحب و أما الوارث المعنوي فما يتعلق بباطن الأحوال من تطهير النفس من مذام الأخلاق و تحليتها بمكارم الأخلاق و ما كان عليه صلى اللّٰه عليه و سلم من ذكر ربه على كل أحيانه و ليس إلا الحضور و المراقبة لآثاره سبحانه في قلبك و في العالم فلا يقع في عينك و لا يحصل في سمعك و لا يتعلق بشيء قوة من قواك إلا و لك في ذلك نظر و اعتبار إلهي تعلم موقع الحكمة الإلهية في ذلك فهكذا كان حال رسول اللّٰه ص فيما روت عنه عائشة و كذلك إن كنت من أهل الاجتهاد في الاستنباط للاحكام الشرعية فأنت وارث نبوة شرعية فإنه تعالى قد شرع لك في تقرير ما أدى إليه اجتهادك و دليك من الحكم أن تشرعه لنفسك و تفتي به غيرك إذا سألت و إن لم تسأل فلا فإن ذلك أيضا من الشرع الذي أذن اللّٰه لك فيه ما هو من الشرع الذي لم يأذن به اللّٰه

[أن الاجتهاد ما هو في أن تحدث حكما]

و اعلم أن الاجتهاد ما هو في أن تحدث حكما هذا غلط و إنما الاجتهاد المشروع في طلب الدليل من كتاب أو سنة و إجماع و فهم عربي على إثبات حكم في تلك المسألة بذلك الدليل الذي اجتهدت في تحصيله و العلم به في زعمك هذا هو الاجتهاد فإن اللّٰه تعالى و رسوله ما ترك شيئا إلا و قد نص عليه و لم يتركه مهملا فإن اللّٰه تعالى يقول اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ و بعد ثبوت الكمال فلا يقبل الزيادة فإن الزيادة في الدين نقص من الدين و ذلك هو الشرع الذي لم يأذن به و اللّٰه و من الورث المعنوي ما يفتح عليك به من الفهم في الكتاب و في حركات العالم كله و أما الورث الإلهي فهو ما يحصل لك في ذاتك من صور التجلي الإلهي عند ما يتجلى لك فيها فإنك لا تراه إلا به فإن الحق بصرك في ذلك الموطن و لا يتكرر عليك صورة تجل فقد انتقل عنها و حصل لك نظيرها في ذاتك و في ملكك و لذلك تقول في الآخرة عموما للشيء إذا أردته كُنْ فَيَكُونُ و في الدنيا خصوصا فالحق لك في الدنيا محل تكوينك فإنه يتنوع لتنوعك و في الآخرة تتنوع لتنوعه فهو في الدنيا يلبس صورتك و أنت في الآخرة تلبس صورته فانظر ما أعجب هذا الأمر و كذلك لك في الميراث الإلهي في مراتب العدد فقد يكون الحق رابع ثلاثة فإذا جئت أنت و انضممت إلى الثلاثة فربعتهم لا يكون ذلك لك حتى ينتقل الحق إلى مرتبة الخمسة فيكون خامس أربعة بعد ما قد كان رابع ثلاثة فأخلي لك المرتبة فورثتها و كذلك في كل جماعة تنضم إليها هذا حكم الميراث في الدنيا و أما في ميراث الخصوص و في الآخرة فإنه رابع أربعة في حال كونك أنت رابع تلك الأربعة فإنك في الدنيا في الخصوص جئت بصورة حق و في الآخرة كذلك أنت صورة حق و لهذا كفر أي ستر من قال إِنَّ اللّٰهَ ثٰالِثُ ثَلاٰثَةٍ فستر نفسه بربه لأنه هو عين ثالث الثلاثة و رأى نفسه حقا لا خلقا إلا من حيث الصورة الجسدية لا من حيث ما هي به موصوفة فهو حق في خلق فستر خلقه بما شهده من الحق القائم به المنصوص عليه في العموم بأنه جميع قوى عبده و صفاته إذا كان من أهل الخصوص فقال عن نفسه إِنَّ اللّٰهَ ثٰالِثُ ثَلاٰثَةٍ ثم بين الحق تعالى عقيب هذا القول فقال وَ مٰا مِنْ إِلٰهٍ إِلاّٰ إِلٰهٌ وٰاحِدٌ و هو الذي ثلث الثلاثة فالاثنان من العامة و الذي ثلثهم بخلقه هو الثالث خلقا بخلقه ثم إنه قد علم أن الحق جميع قواه و أشهده الحق أنه مع الاثنين مثل ما هو معه إلا أنه حجب عنهم علم ذلك فقالوا بالخلق دون حق فقال هذا الخاص إِنَّ اللّٰهَ ثٰالِثُ ثَلاٰثَةٍ لأنه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 502
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست