responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 500

الحكماء في اصطلاح الفردية ثم قال في العام وَ لاٰ أَدْنىٰ مِنْ ذٰلِكَ وَ لاٰ أَكْثَرَ إِلاّٰ هُوَ مَعَهُمْ سواء كان عددهم وترا أو شفعا فإن اللّٰه لا يكون واحدا من شفعيتهم و لا واحدا من وتريتهم بل هو الرقيب عليهم الحفيظ الذي هو مِنْ وَرٰائِهِمْ مُحِيطٌ فمتى انتقل الخلق إلى المرتبة التي كانت للحق انتقل الحق إلى المرتبة التي تليها لا يمكن له الوقوف في تلك المرتبة التي كان فيها عند انتقال الخلق إليها فانظر في هذا السر الإلهي ما أدقه و ما أعظمه في التنزيه الذي لا يصح للخلق مع الحق فيه مشاركة فالخلق أبدا يطلب أن يلحق بالحق و لا يقدر على ذلك لانتقال الحق عن تلك المرتبة و لهذا كان العدد لا يتناهى فإنه لو تناهي للحق الخلق الحق و لا يكون ذلك أبدا فالخلق خلق لنفسه و الحق حق لنفسه و مثال ذلك أن يكون جماعة من ثلاثة في نجوى بينهم قد جمعهم مجلس فالله بلا شك رابع تلك الجماعة فإن رابعهم إنسان آخر فجاء و جلس إليهم انتقل الحق من المرتبة الرابعة بمجرد مجيء ذلك الرجل أو الشخص الذي ربعهم إلى المرتبة الخامسة فإن أطالوا الجلوس بحيث أن جاء من خمس القوم انتقل الحق إلى المرتبة السادسة فيكون سادس خمس و هو سادس الجماعة أعني هذه الجماعة بعد ما كان خامس الجماعة التي خمسها ذلك الواحد فاعلم فقد نبهتك على علم عظيم تشكرني عليه عند اللّٰه فإني أرجو من اللّٰه أن ينفعني بمن علم مني ما ذكرته في كلامي هذا من العلم بالله الذي لا تجده فيما تقدم من كتب المؤلفين في هذا الفن و هذا كله نقطة من كلمة من القرآن العزيز فما عندنا من اللّٰه إلا الفهم فيه من اللّٰه و هو الوحي الإلهي الذي أبقاه الحق علينا فهذا الذي ذكرناه كان وتر رسول اللّٰه ص من صلاة الليل و أما تمام الاثنتي عشرة فذلك المسمى المهيمن الخارج عن نشء صورة الوتر القوي و هو الواحد الأول و ليس إلا اللّٰه فهو المنشئ سبحانه و تعالى في كبريائه الواحد الأحد الذي لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ

«وصل»

و الرجل الذي كمل به الاثني عشر كما كمل الشهور برمضان ما كملها إلا باسم من أسمائه و هو رمضان عز و جل فبه كمل كل شيء فكمال الأربعة بالخامس إذا كان اللّٰه خامس أربعة فإنه الذي يحفظ عليها أربعتها فإذا جاء من جنسها من يخمسها ذهبت الأربعة و كان اللّٰه سادس الخمسة يحفظ عليها خمستها لأنه الحفيظ فانظر ما أعجب هذا الأمر و من هنا صح الفرار الموجود و الانتقال من حال إلى حال فإن اللّٰه ينتقل في مراتب الأعداد لما ذكرناه و اسم هذا الرجل الذي كمل اللّٰه به الاثني عشر عبد اللّٰه و إنما سمي عبد اللّٰه لأن اللّٰه يتجلى له بحقيقة كل اسم من أسمائه و هو قوله وَ لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ فَادْعُوهُ بِهٰا فإذا دعوته باسم منها تجلى مجيبا لك في عين ذلك الاسم كصوم شهر رمضان فإن صومه واجب في الاثني عشر شهرا فكل صوم في شهر من الشهور الأحد عشر إنما هو تشبيه بصوم يوم من أيام شهر رمضان لأنه نافلة و الواجب ليس إلا رمضان بالوجوب الإلهي الابتدائي و إنما قلنا الابتدائي من أجل النذر بالصوم الذي أوجبه اللّٰه عليك بإيجابك إياه على نفسك عقوبة لك و ليثبك به إذا أديته ثواب الواجب لكن الفرق بينه و بين الواجب المبتدأ أن الواجب المبتدأ تقضيه إذا مضى زمان إيجابه و و الواجب الكوني لو نسيته لكن أو مرضت فلم تقدر على أدائه و مضى زمانه لم تقضه فهذا هو الفرق بين الواجب الإلهي و الواجب الكوني فمن عرف ما ذكرناه من أمر هذه الاثني عشر فقد حصل على كنوز إلهية كما قيل في الفاتحة إن اللّٰه أعطاها نبيه محمدا صلى اللّٰه عليه و سلم خاصة دون غيره من الرسل من كنز من كنوز العرش لم توجد في كتاب منزل من عند اللّٰه و لا صحيفة إلا في القرآن خاصة و بهذا سمي قرآنا لأنه جمع بين ما نزل في الكتب و الصحف و ما لم ينزل ففيه كل ما في الكتب كلها المنزلة و فيه ما لم ينزل في كتاب و لا صحيفة و في هذا المنزل من العلوم علم الحل و العقد و فيه علم الحلال و الحرام و فيه علم ما يجمع الكافر و المؤمن و يؤلف بينهما و فيه علم إلحاق البهائم بالإنسان في حكم ما من أحكام الشرائع و فيه علم متعلق الكمال ببعض الأشخاص و ما فيه علم التقديس و أسبابه و أنواعه و فيه علم الآلاء و المنن الإلهية و فيه علم المواثيق و العهود و فيه علم نشء صور العبادات البدنية و فيه علم التعظيم الكوني و فيه علم المداينات الإلهية و فيه علم الايمان و فيه علم الإبدال و فيه علم النداء الإلهي و فيه علم التعريف و فيه علم إقامة البراهين على الدعاوي و فيه علم أصحاب الفترات ما حكمهم عند اللّٰه و فيه علم ما يخص الملك و السوقة و فيه علم النيابة في النداء و فيه علم الرد و القبول و فيه علم التفويض و التسليم في النفوس و فيه علم الستر و رد الأشياء إلى أصولها و فيه علم إقامة الواحد مقام الجميع في أي موطن يكون

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 500
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست