responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 479

الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ الثامن صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ التاسع غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّٰالِّينَ فالخاسر الساهي عن صلاته من لم يحضر مع اللّٰه في قسم واحد من هذه الأقسام التي ذكرناها في الفاتحة و هي التي ذكر اللّٰه في القبول من العشر إلى النصف فمن رأى أن بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ آية منها و لا يفصلها عنها فالقسمة على ما ذكرناه في الفاتحة فإن حكم اللّٰه في الأشياء حكم المجتهد فهو معه في اجتهاده و من أداه اجتهاده إلى الفصل ففصل البسملة عن الفاتحة و إن البسملة ليست آية منها جعل اللّٰه له الجزء التاسع وَ لاَ الضّٰالِّينَ و البسملة أحق و أولى فإنها من القرآن بلا شك عند العلماء بالله و تكرارها في السور مثل تكرار ما يكرر في القرآن من سائر الكلمات و ما زاد على التسعة فعقله في التلاوة حروف الكلمة فقد يعقل المصلي حرفا من حروف الكلمة ثم يغفل عن الباقي فهذا معنى قوله ص العام إنه لا يقبل إلا ما عقل منها فالعاقل من أتى بها كاملة ليقبلها اللّٰه كاملة و من انتقص منها شيئا في صلاته جبرت له من قراءته الفاتحة في نوافله من الصلاة فليكثر من النوافل فإن لم تف قراءتها في النوافل بما نقصه من قراءة الفاتحة في الفريضة أكملت له من تلاوته بحضور في غير الصلاة المعينة و إن كان في جميع أفعاله في صلاة فإنه قد يكون من اَلَّذِينَ هُمْ عَلىٰ صَلاٰتِهِمْ دٰائِمُونَ و هم الذاكرون اللّٰه في كل أحيانهم فهم يناجونه في جميع الأحوال كلها فحظ اللّٰه من جميع ما كلف عباده به ما فرض عليهم و نصيب العباد من اللّٰه ما أوجبه الحق لهم على نفسه و النافلة للنافلة في كل ذلك و أما حظ الرسول ص من هذه المسألة بتصديقه و الايمان به و بما جاء به فمما يحققه الايمان أن خير الأزمان زمان الصلاة و الآذان و خير الشفاعة و الكلام ما أذن فيهما الرحمن هذا مما جاء به رسول الحق إلينا و وفد به مقبلا علينا فتدلى حين تجلى و ما أصعقه بل أيقظه من تجلى ليتجلى فاقبل و ما أعرض و تولى فأما التصديق به فلخبر الحق بأنه رسول منه إلينا و هو الوجيه المقرب و أما الايمان بما جاء به فلإخباره عن الحق ففرق بين إخبار الحق في الايمان به و بين إخباره عن الحق فيما جاء به فلا يؤمن به إلا من خاطبه الحق في سره و إن لم يشعر به المخاطب و لا يعرف من كلمه و إنما يجد التصديق به في قلبه و أهل الكشف و الحضور يعرفون عن سماع بأذان و قلوب كلام الحق بأن هذا رسول من عنده فيؤمنون به على بصيرة و لا يؤمن بما جاء به هذا الرسول إلا من خاطبه الرسول في سره و إن لم يشعر به المخاطب و لا يعرف من كلمه و إنما يجد التصديق بما جاء به في قلبه و أهل الكشف و الحضور يعرفون عن سماع بقلوب و آذان و أبصار كلام الرسول بأن هذا جاء من عند اللّٰه وَ لَوْ كٰانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّٰهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاٰفاً كَثِيراً فيؤمنون به على بصيرة و إنما قلنا فيما جاء به الرسول و أبصار و لم نقل ذلك في سماع كلام الحق لأن الرسول إذا رأيناه فقد رأيناه و الحق تعالى ليس كذلك إذا رأيناه فما رأيناه إلا منزلتنا و صورتنا منه فلهذا لم نقل في تصديق خبره إذا كلمنا و أبصار و ما جئنا بالقلوب و الآذان إلا لمجرد الخبر خاصة لا لكون الحق تكلم به فإن إدراك القلوب و الآذان و الأبصار للحق على السواء ما أدرك واحد من العالم أي إدراك كان من هذا و غيره إلا منزلته من الحق و صورته خاصة فما أدركه فذكرنا القلوب من كونها سامعة و الآذان للخبر خاصة تنبيها على ما ذكرناه و بيناه فإذا علمت هذا فقد وفيت اللّٰه و الرسول ما تعين عليك من الحق أن تؤديه لله و لرسوله فإن هذه المسألة غلط فيها جماعة من أهل اللّٰه إذ لم يخبروا بها عن اللّٰه فكيف علماء الرسوم فمن تكلم فيها من طريق الايمان فلا يتكلم فيها إلا بما تكلمنا به فإنه يتكلم عن ذوق و لهذا ترى شخصين بل ثلاثة أشخاص يشهدون المعجزة على يدي الرسول الذي أبرزها الحق في معرض الدلالة على صدقه فيما جاء به و التصديق به نفسه فشخص من الثلاثة يتيقن أنه الحق و جحده و الشخص الثاني لم تقم عنده تلك الدلالة لجهله بموضع الدلالة منها و الثالث آمن و صدق و المجلس واحد و النظر بالبصر واحد و الإدراك في الظاهر واحد فعلمنا إن الذي آمن و صدق لو لا تجلى الحق لقلبه و تعريفه إياه بغير واسطة ما آمن بما جاء به و لا صدق و كان مثل صاحبه و كذلك في إيمانه بما جاء به فما كل مؤمن يعرف من أين حصل له الايمان و لا سيما و قد رأينا و بلغ إلينا أن بعض من آمن برسول اللّٰه عند ما رآه و سمع دعوته و لم ير له معجزة و لا دلالة بل وجد في نفسه أنه صادق في دعواه فآمن به من حينه و ما تلكأ و لا نلعثم فما كان

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست