responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 477

في مال الإنسان الزكاة حقا لأصناف مذكورين فأوجب على أصحاب الأموال على وجه مخصوص إخراجها و أوجب على الإمام أخذها و لم يوجب على الأصناف أخذها فهم مخيرون في أخذ حقهم و في تركه كسائر الحقوق فمن أخذها منهم أخذ حقه و من ترك أخذها ترك حقه و له ذلك و اعلم أن الإمام هو المطلوب بعلم هذه التقاسيم و القيام بها

ما كل من حاز الجمال بيوسف إن الجميل هو الإمام المنصف
إن كنت تدرك ما تريد و تشتهي أنت المحب و المبرأ يوسف
فإن غلب على ظن الإمام أن المذكورين في قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ الآية و التي في سورة الحشر التي فيها ذكر الأصناف حظهم من المغنم الخمس خاصة يقسم فيهم هكذا و ما بقي فلبيت مال المسلمين يتصرف فيه الإمام بما يراه فإن شاء أعطاه المجاهدين على ما يريده من العدل و السواء في القسمة أو بالمفاضلة كما يفعل فيما بقي من المال الموروث بعد أخذ هل الأنصباء ما عين الحق لهم أو أراد هذا الإمام أن يعود بما بقي على أولي الأرحام من أهل الميت فيعطي أصحاب الأنصباء زائدا على انصبائهم من كونهم أولي أرحام الميت و إن غلب على ظن الإمام أن الخمس الأصلي لله وحده و ما بقي فلمن سمى اللّٰه تعالى و قد جعل اللّٰه للمجاهدين في سبيل اللّٰه نصيبا في الصدقات و ما جعل لهم في المغنم إلا ما نفلة به الإمام قبل القسمة أو ما أعطاه له

بقوله من قتل قتيلا فله سلبه و إنما عرض الكلام في مثل هذا في المنزل لما فيه من الحظ المنسوب إلى اللّٰه خاصة فما غرضنا ما هو الحكم في المغانم و قسمتها في علم الرسوم و إنما المغانم عندنا في هذا الطريق ما حصل للإنسان من العلوم الإلهية التي أعطانا اللّٰه إياها عن مجاهدة و جهاد نفس كما أنه للمؤمن تجارة في نفس إيمانه و هي التجارة المنجية من العذاب الأليم فكل علم حصل عن جهاد فهو مغنم و يقسم على ما يقسم عليه المغانم فالنصيب الذي لله تعالى منه ما تعلق به الإخلاص و الذي لرسول اللّٰه منه الايمان به و الذي لذي القربى منه المودة فيهم و الذي لليتامى منه هو ما حصل من العلم قبل بلوغ العامل إلى الغاية

«وصل»

و الغاية حدها الذي يغنيه عن إضافة العمل إليه فإن الصبي قبل البلوغ حركته و أفعاله إليه فإذا بلغ رجع حكم الأفعال منه إلى اللّٰه بعد ما كانت إليه و

النبي ص يقول لا يتم بعد حلم فكل ما حصل له قبل البلوغ فهو حقه الذي له من نفسه إذ عينه لله له و الذي للمساكين فهو الحظ الذي حصل لهم بالعجز و عدم القدرة و سلب القوة فإن اللّٰه هو ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ و الذي لابن السبيل فهو الحظ الذي له من حيث إنه ابن للطريق إلى اللّٰه

فإن النبي ص يقول إن للدنيا أبناء و للآخرة أبناء فكونوا من أبناء الآخرة و هم أبناء السبيل و لا تكونوا من أبناء الدنيا فأما صورة الإخلاص في العمل فهو إن تقف كشفا على إن لعامل لذلك العمل هو اللّٰه كما هو في نفس الأمر أي عمل كان ذلك العمل مذموما أو محمود أو ما كان فذلك هو حكم اللّٰه تعالى فيه ما هو عين العمل وضح في الخبر أن اللّٰه تعالى يقول من عمل عملا أشرك فيه غيري فإنا منه بريء و هو للذي أشرك فنكر العمل و ما خص عملا من عمل و الضمير في فيه يعود على العمل و الضمير في منه يعود على الغير الذي هو الشريك و ضمير هو يعود على المشرك فإن اللّٰه لا يتبرأ من العمل فإنه العامل بلا شك و إنما يتبرأ من الشريك لأنه عدم و اللّٰه وجود فالله برأ من العدم فإنه لا يلحقه عدم و لا يتصف به فإنه واجب الوجود لذاته فالبراءة صحيحة و كذلك في قوله بَرٰاءَةٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فهو أيضا تبرأ من الشريك لأن الشريك ليس ثم فهو عدم لأنه قال من المشركين فهو أيضا تبرأ من الشريك فإخلاص العمل لله هو نصيب اللّٰه من العمل لأن الصورة الظاهرة في العمل إنما هي في الشخص الذي أظهر اللّٰه فيه عمله فيلتبس الأمر للصورة الظاهرة و الصورة الظاهرة لا نشك أن العمل بالشهود ظاهر منها فهي إضافة صحيحة فلهذا نقول إنه عين كل شيء من اسمه الظاهر و هنا دليل خفي و ذلك أن البصر لا يقع إلا على آلة و هي مصرفة لأمر آخر لا يقع الحس الظاهر عليه بدليل الموت و وجود الآلة و سلب العمل فاذن لآلة ما هي العامل و الحس ما أدرك إلا الآلة فكما علم الحاكم أن وراء المحسوس أمرا هو العامل بهذه الآلة و المصرف لها المعبر عنه عند علماء النظر العقلي بالنفس العاقلة الناطقة و الحيوانية فقد انتقلوا إلى معنى ليس هو من مدركات الحس فكذلك إدراك أهل الكشف و الشهود في الجمع و الوجود في النفس الناطقة ما أدرك أهل النظر في الآلة المحسوسة سواء فعرفوا

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 477
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست