responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 45

من صاحبة و لا ولد فما ذا تبغون قالوا يا رب إنا عطشنا فاسقنا فيشار إليهم أ لا تردون فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ثم تدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح و نقول إنه ابن اللّٰه فيقال لهم كذبتم ما اتخذ اللّٰه من صاحبة و لا ولد و يقال لهم ما ذا تبغون قالوا عطشنا يا رب فاسقنا قال فيشار إليهم أ لا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّٰه من بر و فاجر فيأتيهم رب العالمين تبارك و تعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فيقول ما ذا تنتظرون لتتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم و لم نصاحبهم قال فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم و بين ربكم آية تعرفونها فيقولون نعم قال فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود و لا يبقى من كان يسجد اتقاء و رياء إلا جعل اللّٰه ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رءوسهم و قد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون نعم أنت ربنا قال ثم يضرب الجسر على جهنم و تحل الشفاعة الحديث إلى آخره و قد طال الكلام فلنذكر ما يحوي عليه هذا المنزل من العلوم

[علم الاسم القيوم]

فمن ذلك علم الاسم القيوم و اختلف فيه أصحابنا هل يتخلق به أم لا فكان الشيخ أبو عبد اللّٰه بن جنيد القبر فيقي من كبار مشايخ هذه الطريقة بالأندلس و كان معتزليا سمعته يمنع التخلق به و فاوضته في ذلك مرارا في محله بحضور أصحابه بقبر فيق من أعمال ونده إلى أن رجع إلى قولنا من التخلق بالقيوم كسائر الأسماء الإلهية و فيه علم نشء عالم الغيب و فيه علم مقادير عالم الغيب و فيه علم وصف كلام اللّٰه بالتتابع و فيه علم تنزل الأرواح و ما يجده من تنزل عليه من الثقل و ضيق النفس و لقد كنت انقطعت في القبور مدة منفردا بنفسي فبلغني إن شيخنا يوسف بن يخلف الكرمي قال إن فلانا و سماني ترك مجالسة الأحياء و راح يجالس الأموات فبعثت إليه لو جئتني لرأيت من أجالس فصلى الضحى و أقبل إلي وحده فطلب علي فوجدني بين القبور قاعدا مطرقا و أنا أتكلم على من حضرني من الأرواح فجلس إلى جانبي بأدب قليلا قليلا فنظرت إليه فرأيته قد تغير لونه و ضاق نفسه فكان لا يقدر يرفع رأسه من الثقل الذي نزل عليه و أنا أنظر إليه و أتبسم فلا يقدر أن يتبسم لما هو فيه من الكرب فلما فرغت من الكلام و صدر الوارد خفف عن الشيخ و استراح و رد وجهه إلي فقبل بين عيني فقلت له يا أستاذ من يجالس الموتى أنا أو أنت قال لا و اللّٰه بل أنا أجالس الموتى و اللّٰه لو تمادى على الحال فطست و انصرف و تركني فكان يقول من أراد أن يعتزل عن الناس فليعتزل مثل فلان و فيه علم استقامة عالم الغيب و عصمته من المخالفة و إنه عالم الوفاق و فيه علم ما تواطأت عليه القوي الإنسانية و علم ما اختلفت فيه فعين تجمعها و عين تفرقها و فيه علم الأسماء التي تعطي الذكر في كل ذاكر و ما حضرتها و ما أثرها و فيه علم الانفراد بالحق و ما الذي يدعوه إلى ذلك و هل يصح في الملإ الانفراد أو لا يصح إلا بكلية الإنسان ظاهرا و باطنا و فيه علم أسماء الجهات من حضرة الربوبية و فيه علم توحيد كل حضرة و فيه علم ملك الملك و هو علم تصريف الخلق الحق و هو مقام عزيز و فيه علم السياسة في ترك أبناء الجنس و فيه علم الوعيد و فيه علم الرسالة و من أين بعثت الرسل و لمن بعثت من صفات الإنسان و ما مقام الرسول من المرسل إليه و فيه علم الموطن الذي يلحق الأصاغر بالأكابر بالخاصية و هو علم انطواء الزمان كانطواء ألف سنة من الزمان في يوم من أيام الرب و انطواء خمسين ألف سنة من الزمان عندنا في يوم من أيام ذي المعارج و هو كاللمحة في عالمه و كانطواء ثلاثمائة يوم و ستين يوما من أيام الزمان المعلوم في يوم من أيام الشمس و لكل كوكب من السيارة و الثوابت أيام تقدر لها من الأيام الزمانية بقدر اتساعها و هو من علوم هذا المنزل و فيه علم إثبات المشيئة للعبد من أي حضرة هي و أي اسم إلهي ينظر إليها و فيه علم تقلب الإنسان في عالم الغيب بين دخول و خروج و فيه علم المقادير و الأوزان و ما يعطي بالكيل و الميزان فإنه قد ورد أن العقل يعطي بالمكيال و الأعمال بالميزان و فيه علم الرفق بالكون و التخلق به و ما اسمه في الأسماء الإلهية و فيه علم عجز العالم عن إدراك ما لا يمكن إدراكه ليتميز بذلك العبد فيعرف قدره و فيه علم السفر و المسافر و الطريق و فيه علم ما يسافر من أجله و هل حصوله من عين المنة أم لا و هل يكون

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست