responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 436

ثلاثمائة خلق فلا بد أن يكون الإنسان من مؤمن و كافر على خلق من أخلاق اللّٰه و أخلاق اللّٰه كلها حسنة حميدة فكل ذات قام بها خلق منها و صرفه في الموضع الذي يستحقه ذلك الخلق فلا بد أن تسعد به حيث كانت من نار أو جنان فإنه في كل ذي كبد رطبة أجر و لا بد أن يحنو كل إنسان على أمر ما من خلق اللّٰه فله أجر من ذلك فدركات النار هي دركات ما لم ينقطع العذاب فإذا انتهى إلى أجله المسمى عاد ذلك الدرك في حق المقيم فيه درجة للخلق الإلهي الذي كان عليه يوما ما

اللّٰه أكرم أن تنساك منته و من جيود إذا الرحمن لم يجد
و لما جعل اللّٰه تعالى في المكلف عقلا و تجلى له كان له من جهة عقله و نظره عقد و عهد لله ألزمه ذلك النظر العقلي و هو الافتقار إلى اللّٰه بالذات و أمثاله ثم بعث إليه رسولا من عنده فأخذ عليه عهدا آخر على ما تقرر في الميثاق الأول فصار الإنسان مع اللّٰه بين عهدين عهد عقلي و عهد شرعي و أمره اللّٰه بالوفاء بهما بل طلبه الحال بذلك لقبوله فلما وقفت على هذين العهدين و بلغ مني علمي بهما المبلغ الذي يبلغه من شاهده قلت

في القلب عقد حجى و عقد هداية أ تراه يخلص من له عقدان
ربي بما أعطيتنيه علمته ما لي لما حملتنيه تران
ما كل ما كلفتنيه أطيقه من لي بتحصيل النجاة و ذان
عقلا و شرعا بالوفاء يناديا قلبي فما لي بالوفاء يدان
إن كنت نعتي فالوفاء محصل أو كنت أنت فما هما عنياني
أما قولي إن كنت نعتي فهو

قول رسول اللّٰه ص عن ربه إنه قال كنت سمعه و بصره و يده و مؤيده و كذلك إن كنت أعني نفسي أنت أي أنت الفاعل و الموجد للعمل و الوفاء لا أنا إذ لا إيجاد لمخلوق في عقدنا بل الأمر كله لله فما هما يعني العقل و الشرع بحكمهما على عنياني و إنما عنيا من له خلق الأعمال و الأحوال و القدرة عليها و إنما قلنا هذا لتحقق عند السامعين صدق اللّٰه في قوله وَ كٰانَ الْإِنْسٰانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً و أقوى الجدال ما يجادل به اللّٰه

[أن شجرة طوبى لجميع شجر الجنات كآدم لما ظهر منه من البنين]

و اعلم أن شجرة طوبى لجميع شجر الجنات كآدم لما ظهر منه من البنين فإن اللّٰه لما غرسها بيده و سواها نفخ فيها من روحه و كما فعل في مريم نفخ فيها من روحه فكان عيسى يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص فشرف آدم باليدين و نفخ الروح فيه فأورثه نفخ الروح فيه علم الأسماء لكونه مخلوقا باليدين فبالمجموع نال الأمر و كانت له الخلافة و اَلْمٰالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا و تولى الحق غرس شجرة طوبى بيده و نفخ الروح فيها زينها بثمر الحلي و الحلل الذين فيهما زينة للابسهما فنحن أرضها فإن اللّٰه جعل مٰا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهٰا و أعطت في ثمر الجنة كله من حقيقتها عين ما هي عليه كما أعطت النواة النخلة و ما تحمله مع النوى الذي في ثمرها و كل من تولاه الحق بنفسه من وجهه الخاص بأمر ما من الأمور فإن له شفوفا و ميزة على من ليس له هذا الاختصاص و لا هذا التوجه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الفصل الرابع»في فلك المنازل

و هو المكوكب و هيأة السموات و الأرض و الأركان و المولدات و العمد الذي يمسك اللّٰه السماء به أن تقع على الأرض لرحمته بمن فيها من الناس مع كفرهم بنعمته فلا تهوي السماء ساقطة واهية حتى يزول الناس منها

[أن اللّٰه خلق الفلك المكوكب في جوف الفلك الأطلس]

اعلم أن اللّٰه خلق هذا الفلك المكوكب في جوف الفلك الأطلس و ما بينهما خلق الجنات بما فيها فهذا الفلك أرضها و الأطلس سماؤها و بينهما فضاء لا يعلم منتهاه إلا من أعلمه اللّٰه فهو فيه كحلقة في فلاة فيحاء و عين في مقعر هذا الفلك ثماني و عشرين منزلة مع ما أضاف إلى هذه الكواكب التي سميت منازل القطع السيارة فيها و لا فرق بينها و بين سائر الكواكب الأخر التي ليست بمنازل في سيرها و فيما تختص به من الأحكام في نزولها الذي ذكرناها في البروج قال تعالى وَ الْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ يعني هذه المنازل المعينة في هذا الفلك المكوكب و هي كالمنطقة بين الكواكب من الشرطين إلى الرشاء و هي تقديرات و فروض في هذا الجسم و لا تعرف أعيان هذه المقادر إلا بهذه الكواكب كما أنه ما عرفت أنها منازل إلا بنزول السيارة فيها و لو لا ذلك ما تميزت عن سائر الكواكب إلا بأشخاصها و من مقعر هذا

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 436
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست