responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 435

جنة و جنة سور يميزها عن صاحبتها و سمي كل جنة باسم معناه سار في كل جنة و إن اختصت هي بذلك الاسم فإن ذلك الاسم الذي اختصت أمكن ما هي عليه من معناه و أفضله مثل

قوله ص أقضاكم علي و أعلمكم بالحلال و الحرام معاذ بن جبل و أفرضكم زيد و إن كان كل واحد منهم يعلم القضاء و الحلال و الحرام و الفرائض و لكن هو بمن سمي به أخص و هي جنة عدن و جنة الفردوس و جنة النعيم و جنة المأوى و جنة الخلد و جنة السلام و جنة المقامة و الوسيلة و هي أعلى جنة في الجنات فإنها في كل جنة من جنة عدن إلى آخر جنة فلها في كل جنة صورة و هي مخصوصة برسول اللّٰه ص وحده نالها بدعاء أمته حكمة من اللّٰه حيث نال الناس السعادة ببركة بعثته و دعائه إياهم إلى اللّٰه و تبيينه ما نزل اللّٰه إلى الناس من أحكامه جَزٰاءً وِفٰاقاً و جعل أرض هذه الجنات سطح الفلك المكوكب الذي هو سقف النار و سيأتي فصله في هذه الفصول إن شاء اللّٰه تعالى و جعل في كل جنة مائة درجة بعدد الأسماء الحسنى و الاسم الأعظم المسكوت عنه لوترية الأسماء و هو الاسم الذي يتميز به الحق عن العالم هو الناظر إلى درجة الوسيلة خاصة و له في كل جنة حكم كما له حكم اسم إلهي فافهم

[منازل الجنة على عدد آي القرآن]

و منازل الجنة على عدد آي القرآن ما بلغ إلينا منه نلنا تلك المنزلة بالقراءة و ما لم يبلغ إلينا نلناه بالاختصاص في جنات الاختصاص كما نلنا بالميراث جنات أهل النار الذين هم أهلها و أبواب الجنة ثمانية على عدد أعضاء التكليف و لهذا

ورد في الخبر أن النبي ص قال فيمن توضأ و صلى ركعتين و لم يحدث نفسه بشيء فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء فقال له أبو بكر الصديق رضي اللّٰه عنه فما عليه إن لا يدخلها من أبوابها كلها فقرر رسول اللّٰه ص قول أبي بكر و أثبته و في خبر جعله صاحب هذا الحال فلكل عضو باب و الأعضاء ثمانية العين و الأذن و اللسان و اليد و البطن و الفرج و الرجل و القلب فقد يقوم الإنسان في زمن واحد بأعمال هذه الأعضاء كلها فيدخل من أبواب الجنة الثمانية في حال دخوله من كل باب منها فإن نشأة الآخرة تشبه البرزخ و باطن الإنسان من حيث ما هو ذو خيال و أما خوخات الجنات فتسع و سبعون خوخة و هي شعب الايمان بضع و سبعون شعبة و البضع هنا تسعة فإن البضع في اللسان من واحد إلى تسعة فادنى شعب الايمان إماطة الأذى عن الطريق و أعلاه لا إله إلا اللّٰه و ما بينهما مما يتعلق من الأعمال و مكارم الأخلاق فمن أتى شيئا من مكارم الأخلاق فهو على شعبة من الايمان و إن لم يكن مؤمنا كمن يوحى إليه في المبشرات و هي جزء من أجزاء النبوة و إن لم يكن صاحب المبشرة نبيا فتفطن لعموم رحمة اللّٰه فما تطلق النبوة إلا لمن اتصف بالمجموع فذلك النبي و تلك النبوة التي حجزت علينا و انقطعت فإن من جملتها التشريع بالوحي الملكي في التشريع و ذلك لا يكون إلا لنبي خاصة فلا بد أن يكون لهذه الشعبة حكم فيمن قامت به و اتصف بها و ظهر أثرها عليه فإن اللّٰه لما أخبر بهذه الشعبة على لسان الرسول أضافها إلى الايمان إضافة إطلاق لم يقيد إيمانا بكذا بل قال الايمان و الايمان بكذا شعبة من شعب الايمان المطلق فكل شعبة إيمان كالذين آمنوا بالباطل خاصة و هو الإصلاح بين الناس بما لم يكن و الخديعة في الحرب فكان للكذب دخول في الايمان فهو في موطن شعبة من شعب الايمان و قد يوجد هذا من المؤمن و غير المؤمن على أنه ما ثم غير مؤمن فإن اللّٰه ما تركه كما أنه ما ثم غير كافر فإن الأمر محصور بين مؤمن بالله و مؤمن بالباطل و كافر بالله و كافر بالباطل فكل عبد لله فهو مؤمن كافر معا يعين إيمانه و كفره ما تقيد به فلكل شعبة من الايمان طريق إلى الجنة فأهل الجنان في كل جنة و أهل النار من حيث ما قام بهم من شعب الايمان و هم أهل النار الذين لا يخرجون منها فلهم بما كانوا فيه من شعب الايمان جميع معاني الجنات في النار إلا جنة الفردوس و الوسيلة لا قدم لهم فيهما فإن الفردوس لا عين له في النار فلهم النعيم و الخلد و المأوى و السلام و المقامة و عدن و لأهل الجنات الرؤية متى شاءوا و لأهل النار في أحيان مخصوصة الرؤية فإن اللّٰه ما أرسل الحجاب عليهم مطلقا و إنما قال يومئذ في قوله كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ لما تعود عليهم و اغلظ في حال الغضب و الربوبية لها الشفقة فإن المربي ضعيف يتعين اللطف به فلذلك كان في حال الغضب عن ربه محجوبا فافهم فأورثه ذلك الحجاب أن جعله يصلي الجحيم لأنه قال بعد قوله لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصٰالُوا الْجَحِيمِ فأتى بقوله ثم فما صلى الجحيم إلا بعد وقوع الحجاب و لذلك قيده بيومئذ كذلك أيضا لم يخل إنسان و لا مكلف أن يكون على خلق من أخلاق اللّٰه و أن لله

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 435
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست