responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 349

أوجده أوجده برحمته ثم قال محال العوارض ثابتة في وجودها و العوارض تتبدل عليها بالأمثال و الأضداد قلت ما الأمر الأعظم قال العالم به أعظم ثم ودعته و انصرفت فنزلت بهارون ع فوجدت يحيى قد سبقني إليه فقلت له ما رأيتك في طريقي فهل ثم طريق أخرى فقال لكل شخص طريق لا يسلك عليها إلا هو قلت فأين هي هذه الطرق فقال تحدث بحدوث السلوك فسلمت على هارون ع فرد و سهل و رحب و قال مرحبا بالوارث المكمل قلت أنت خليفة الخليفة مع كونك رسولا نبيا فقال أما أنا فنبي بحكم الأصل و ما أخذت الرسالة إلا بسؤال أخي فكان يوحى إلي بما كنت عليه قلت يا هارون إن ناسا من العارفين زعموا أن الوجود ينعدم في حقهم فلا يرون إلا اللّٰه و لا يبقى للعالم عندهم ما يلتفتون به إليه في جنب اللّٰه و لا شك أنهم في المرتبة دون أمثالكم و أخبرنا الحق إنك قلت لأخيك في وقت غضبه لا تشمت بي الأعداء فجعلت لهم قدرا و هذا حال يخالف حال أولئك العارفين فقال صدقوا فإنهم ما زادوا على ما أعطاهم ذوقهم و لكن انظر هل زال من العالم ما زال عندهم قلت لا قال فنقصهم من العلم بما هو الأمر عليه على قدر ما فاتهم فعندهم عدم العالم فنقصهم من الحق على قدر ما انحجب عنهم من العالم فإن العالم كله هو عين تجلى الحق لمن عرف الحق فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلاّٰ ذِكْرٌ لِلْعٰالَمِينَ بما هو الأمر عليه

فليس الكمال سوى كونه فمن فاته ليس بالكامل
فيا قائلا بالفناء اتئد و حوصل من السنبل الحاصل
و لا تركنن إلى فائت و لا تبع النقد بالآجل
و لا تتبع النفس أغراضها و لا تمزج الحق بالباطل
ثم ودعته و نزلت بموسى ع فسلمت عليه فرد و سهل و رحب فشكرته على ما صنع في حقنا مما اتفق بينه و بين نبينا محمد ص في المراجعة في حديث فرض الصلوات فقال لي هذه فائدة علم الذوق فللمباشرة حال لا يدرك إلا بها قلت ما زلت تسعى في حق الغير حتى صح لك الخير كله قال سعى الإنسان في حق الغير إنما يسعى لنفسه في نفس الأمر فما يزيده ذلك إلا شكر الغير و الشاكر ذاكر لله بأحب المحامد لله و للساعي منطقة بتلك المحامد فالساعي ذاكر لله بلسانه و لسان غيره

قال اللّٰه تعالى لموسى ع يا موسى اذكرني بلسان لم تعصني به فأمره أن يذكره بلسان الغير فأمره بالإحسان و الكرم ثم قلت له إن اللّٰه اصطفاك على الناس برسالته و بكلامه :

و أنت سألت الرؤية : و

رسول اللّٰه ص يقول إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت فقال و كذلك كان لما سألته الرؤية أجابني فخررت صعقا فرأيته تعالى في صعقتي قلت موتا قال موتا قلت فإن رسول اللّٰه ص شك في أمرك إذا وجدك في يوم البعث فلا يدري أ جوزيت بصعقة الطور فلم تصعق في نفخة الصعق فإن نفخة الصعق ما تعم فقال صدقت كذلك كان جازاني اللّٰه بصعقة الطور فما رأيته تعالى حتى مت ثم أفقت فعلمت من رأيت و لذلك قلت تُبْتُ إِلَيْكَ فإني ما رجعت إلا إليه فقلت أنت من جملة العلماء بالله فما كانت رؤية اللّٰه عندك حين سألته إياها فقال واجبة وجوبا عقليا قلت فيما ذا اختصصت به دون غيرك قال كنت أراه و ما كنت أعلم أنه هو فلما اختلف على الموطن و رأيته علمت من رأيت فلما أفقت ما انحجبت و استصحبتني رؤيته إلى أبد الأبد فهذا الفرق بيننا و بين المحجوبين عن علمهم بما يرونه فإذا ماتوا رأوا الحق فميزه لهم الموطن فلو ردوا لقالوا مثل ما قلنا قلت فلو كان الموت موطن رؤيته لرآه كل ميت و قد وصفهم اللّٰه بالحجاب عن رؤيته قال نعم هم المحجوبون عن العلم به إنه هو و إذا كان في نفسك لقاء شخص لست تعرفه بعينه و أنت طالب له من اسمه و حاجتك إليه فلقيته و سلمت عليه و سلم عليك في جملة من لقيت و لم يتعرف إليك فقد رأيته و ما رأيته فلا تزال طالبا له و هو بحيث تراه فلا معول إلا على العلم و لهذا قلنا في العلم إنه عين ذاته إذ لو لم يكن عين ذاته لكان المعول عليه غير إله و لا معول إلا على العلم قلت إن اللّٰه دلك على الجبل و ذكر عن نفسه أنه تجلى للجبل فقال لا يثبت شيء لتجليه فلا بد من تغير الحال فكان الدك للجبل كالصعق لموسى يقول موسى فالذي دكه أصعقني قلت له إن اللّٰه تولى تعليمي فعلمت منه على قدر ما أعطاني فقال هكذا فعله مع العلماء به فخذ منه لا من الكون

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست