responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 323

نفسها فإن العلم الذي يكون عليه و يجده عند هذا الاستعداد ليس بعلم ميراث و لا للحق إليه نظر نبوي بل غايته إن يتلقى من الأرواح الملكية بقدر ما هو عليه من المناسبة و من اللّٰه على قدر ما أعطاه نظره الفكري لأنه لا كشف له البتة من اللّٰه لأن ذلك من خصائص الأنبياء ع و متبعيهم لا من قال بهم و لم يتبع واحدا منهم على التعيين من أصحاب التعريف و لا عمل عملا في زمان الفترة لقول نبي و إن وافق بعمله عمل نبي لكنه غير مقصود له الاتباع فإن الإلقاء إليه دون الإلقاء إلى الوارث العامل على ذلك لقول ذلك النبي و بين العلمين بون عظيم و تمييز ذوقي مشهود جعلنا اللّٰه و إياكم من الوارثين و كل من أظهر اعتقاد النبوة و صرف ما جاءت به من الأحكام الظاهرة إلى معان نفسية لم تكن من قصد النبي بما ظهر عنه ما اعتقدته العامة من ذلك فإنه لا يحصل على طائل من العلم و من اعتقد فيما جاء به هذا النبي أنه في الظاهر و العموم على ما هو عليه حق كله و له زيادة مصرف آخر مع ثبوت هذه المعاني فجمع بين الحس و المعنى في نظره فذلك الوارث العالم الذي شاهد الحق على ما هو عليه و هذا لا يحصل إلا بالتعمل و ليس معنى التعمل أن يقول هذا الذي ليس له هذا الاعتقاد ثم يسمع به مني أو من غيري فيقول أنا أعتقده و أربط نفسي به فإن كان ما قاله حقا فإنا له و إن لم يكن فما يضرني فمثل هذا لا ينفعه و لا يفتج له فيه لأنه غير مصدق به على القطع بل هو صاحب تجربة و أين الايمان من الشك و التجربة فهذا أعمى البصيرة ناقص النظر فإنه لو صح منه النظر الفكري في الأدلة لعثر على وجه الدلالة فانقدح له المطلوب و أسفر له عن الأمر على ما هو عليه كما أسفر لغيره ممن وفى النظر حقه فإنه إذا وفى الناظر نظره حقه لزمه الايمان ملازمة الظل للشخص لأنهما مزدوجان فإنه يطلع بعين الدليل على رتبة هذا المسمى بالنبي و الشارع عند اللّٰه فمن المحال أن يشهده ذوقا و لا يتبعه حالا هذا ما لا يتصور و لقد آمنا بالله و برسوله و ما جاء به مجملا و مفصلا مما وصل إلينا من تفصيله و ما لم يصل إلينا أو لم يثبت عندنا فنحن مؤمنون بكل ما جاء به في نفس الأمر أخذت ذلك عن أبوي أخذ تقليد و لم يخطر لي ما حكم النظر العقلي فيه من جواز و إحالة و وجوب فعملت على إيماني بذلك حتى علمت من أين آمنت و بما ذا آمنت و كشف اللّٰه عن بصري و بصيرتي و خيالي فرأيت بعين البصر ما لا يدرك إلا به و رأيت بعين الخيال ما لا يدرك إلا به و رأيت بعين البصيرة ما لا يدرك إلا بها فصار الأمر لي مشهودا و الحكم المتخيل المتوهم بالتقليد موجودا فعلمت قدر من اتبعته و هو الرسول المبعوث إلى محمد ص و شاهدت جميع الأنبياء كلهم من آدم إلى محمد ع و أشهدني اللّٰه تعالى المؤمنين بهم كلهم حتى ما بقي منهم من أحد ممن كان و يكون إلى يوم القيامة خاصهم و عامهم و رأيت مراتب الجماعة كلها فعلمت أقدارهم و اطلعت على جميع ما آمنت به مجملا مما هو في العالم العلوي و شهدت ذلك كله فما زحزحني علم ما رأيته و عاينته عن إيماني فلم أزل أقول و أعمل ما أقوله و أعمله لقول النبي ص لا لعلمي و لا لعيني و لا لشهودي فواخيت بين الايمان و العيان و هذا عزيز الوجود في الاتباع فإن مزلة الاقدام للأكابر إنما تكون هنا إذا وقعت المعاينة لما وقع به الايمان فتعمل على عين لا على إيمان فلم يجمع بينهما ففاته من الكمال أن يعرف قدره و منزلته فهو و إن كان من أهل الكشف فما كشف اللّٰه له عن قدره و منزلته فجهل نفسه فعمل على المشاهدة و الكامل من عمل على الايمان مع ذوق العيان و ما انتقل و لا أثر فيه العيان و ما رأيت لهذا المقام ذائقا بالحال و إن كنت اعلم أن له رجالا في العالم لكن ما جمع اللّٰه بيني و بينهم في رؤية أعيانهم و أشخاصهم و أسمائهم فقد يمكن أن أكون رأيت منهم و ما جمعت بين عينه و اسمه و كان سبب ذلك أني ما علقت نفسي قط إلى جانب الحق أن يطلعني على كون من الأكوان و لا حادثة من الحوادث و إنما علقت نفسي مع اللّٰه أن يستعملني فيما يرضيه و لا يستعملني فيما يباعدني عنه و أن يخصني بمقام لا يكون لمتبع أعلى منه و لو أشركني فيه جميع من في العالم لم أتأثر لذلك فإني عبد محض لا أطلب التفوق على عباده بل جعل اللّٰه في نفسي من الفرح أني أتمني أن يكون العالم كله على قدم واحدة في أعلى المراتب فخصني اللّٰه بخاتمة أمر لم يخطر لي ببال فشكرت اللّٰه تعالى بالعجز عن شكره مع توفيتي في الشكر حقه و ما ذكرت ما ذكرته من حالي للفخر لا و اللّٰه و إنما ذكرته لأمرين الأمر الواحد لقوله تعالى وَ أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ و أية نعمة أعظم من هذه و الأمر الآخر ليسمع صاحب همة فتحدث فيه همة لاستعمال نفسه فيما استعملتها فينال مثل هذا فيكون معي و في درجتي فإنه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 323
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست