responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 311

الأحدية فللعقل على الأحدية ولادة و على الاستناد إليه ولادة و على كل لا يكون له على عينه ولادة فأما هويته و حقيقته فما لعقل عليها ولادة و قد نفى ذلك بقوله وَ لَمْ يُولَدْ و من هنا تعرف أن كل عاقل له في ذات اللّٰه مقالة إنما عبد ما ولده عقله فإن كان مؤمنا كان طعنا في إيمانه و إن لم يكن مؤمنا فيكفيه إنه ليس بمؤمن و لا سيما بعد بعثة محمد ص العامة و بلوغها إلى جميع الآفاق و إن لله عبادا عملوا على إيمانهم و صدقوا اللّٰه في أحوالهم ففتح اللّٰه أعين بصائرهم و تجلى لهم في سرائرهم فعرفوه على الشهود و كانوا في معرفتهم تلك على بصيرة و بينة بشاهد منهم و هو الرسول المبعوث إليهم فإن اللّٰه جعل الرسل شهداء على أممهم و لأممهم فمع كون هذا المؤمن على بينة من ربه حين تجلى له تلاه في تلك الحال شاهد منه و هو الرسول فأقامه له في الشهود مرآة فقال له هذا الذي جئتك من عنده فلما أبصره ما أنكره بعد ذلك مع اختلاف صور التجلي فربما كني عنه من هذه حالته من المؤمنين بما وصف نفسه في كتبه أو على ألسنة رسله أو وصفته به رسله فآمن العاقل المؤمن يذلك من كتاب اللّٰه و قول الرسول و كفر بذلك من قول صاحب هذه الحالة من المؤمنين المتبعين و أما غير المؤمنين فهم الذين يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النّٰاسِ و هم الورثة الذين دعوا إلى اللّٰه على بصيرة كما دعوا الرسل قال تعالى عنه ص أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي و معنى البصيرة هنا ما ذكرناه أي على الكشف مثل كشف الرسل فكيف آمن بهذا المؤمن من الرسول و كفر به بعينه من التابع رسول اللّٰه ص أخيه المؤمن إذا جاء به فلا أقل من أن يأخذه منه حاكيا و ما رأينا و لا سمعنا عن صاحب كشف إلهي من المؤمنين خالف كشفه ما جاءت به الرسل جملة واحدة و لا تجده فقد علمت الفرق بين العقلاء في معرفة عينه و بين الرسل و الأولياء و ما جاءت به الكتب المنزلة في ذلك فالمؤمن عند ما أعطاه سبيله و العاقل عند ما أعطاه دليله

و أين حكم العقل من حكمه سبحانه جل على نفسه
هيهات لا يعرفه غيره إلا به إذ ليس من جنسه
و العقل قد أدخل معبوده بفكره القاصر في حبسه
و قال هذا ولدي صنته في خلدي فهو على قدسه
كلام حال فإذا حوقلوا قالوا تعالى اللّٰه في نفسه
فخالقي المخلوق لي فاعتبر في فرعه الأعلى و في رأسه
فعليك بعبادة اللّٰه التي جاء بها الشرع و ورد بها السمع و لا تكفر بما أعطاك دليلك المؤدي إلى تصديقه و قصارى الأمر إن تسلم له و لأمثاله مقالته في ربه لثبوت صدقه و ثبوت المؤمن على اتباعه فإذا أنصفت في الأمر و علمت ما نطقت به الرسل ع في حق اللّٰه جوزت أن تهب من تلك المعرفة نفحة على قلوب المتبعين من المؤمنين تؤديهم إلى الموافقة في النطق و إنه حيث كان لسان الحق فتسلمه في الفرع كما سلمته في الأصل بجامع الموافقة و إياك و الكفران فإنه غاية الحرمان فتكون من اَلَّذِينَ آمَنُوا بِالْبٰاطِلِ وَ كَفَرُوا بِاللّٰهِ أُولٰئِكَ هُمُ الْخٰاسِرُونَ ف‌ اُعْبُدْ رَبَّكَ المنعوت في الشرع حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ فينكشف الغطاء و يحتد البصر فترى ما رأى و تسمع ما سمع فتلحق به في درجته من غير نبوة تشريع بل وراثة محققة لنفس مصدقة متبعة و هذا باب يتسع المجال فيه لاتساع الأفعال فإن توحيد الأفعال يتسع باتساعها فإن نسب الأفعال لا تنتهي بل هي في مزيد ما دام الفعل يظهر من الفاعل و منه طلب المزيد في قوله تعالى رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فإن له في كل فعل تجليا خاصا لا يكون إلا لعين ذلك الفعل و لهذا يتميز كل فعل عن غيره بما يخصه من التجلي

قد قلت في الحق الذي قلته لا ترعوي فيه و لا تأتلي
فإنه الحق الذي جاءني من عنده و هو العليم الولي
فكيف لي برده و هو لي مؤيد بكشفه كيف لي
قال اللّٰه تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فأتى بكاف الصفة في نفي المماثلة عن المثل المفروض و لها عموم النفي حتى تقترن بها حال

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 311
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست