responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 300

يقرن بزواله زوال الكون الذي زال منه و هو الدنيا و هذا الاسم كان ذكرنا و ذكر شيخنا الذي دخلنا عليه و ما في فوائد الأذكار أعظم من فائدته فلما قال الحق وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ و لم يذكر صورة ذكر آخر مع كثرة الأذكار بالأسماء الإلهية فاتخذه أهل اللّٰه ذكرا وحده فانتج لهم في قلوبهم أمرا عظيما لم ينتجه غيره من الأذكار فإن بعض العلماء بالرسوم لم ير هذا الذكر لارتفاع الفائدة عنده فيه إذ كل مبتدأ لا بد له من خبر فيقال له لا يلزم ذلك في اللفظ بل لا بد له من فائدة و قد ظهرت في الذاكر به حين ذكره بهذه الكلمة خاصة فنتج له في باطنه من نور الكشف ما لا ينتجه غيره بل له خبر ظاهر لا في اللفظ كإضافة إلى تنزيه أو ثناء بفعل و معلوم أنه إذا ذكر أمر ما ثم ذكر أمر ما و كرر على طريق التأكيد له أنه يعطي من الفائدة ما لا يعطيه من ليس له هذا الحكم و لا قصد به فهو أسرع و أنجح في طلب الأمور فلا عبث في العالم جملة واحدة و أما الأثر الخامس و هو يشبه الرابع كما أشبه قسم الحمل من البروج قسم الأسد و القوس و غيره و إن كان هذا ما هو عين هذا و ينفرد كل واحد منهما بأمر لا يكون لغيره من مماثلة مع كونه على مثله فلهذا وقع الشبه في الآثار كما وقع في الأصل و هو كل ما وقع في العالم و يعطي معنى صحيحا غير ظهوره و لو سقط من العالم لم يختل ذلك الأمر الذي أعطى فيه هذا المعنى و لكنه لا بد أن ينقص عن الأمر الذي يعطيه وجوده و هذه تسمى عوارض الأعطيات التي لا يخل سقوطها و عدم وقوعها بحقيقة ما عدمت منه و إن كان لها معنى كوجود لذة الجماع من غير جماع فحصلت الفائدة التي كان لها الجماع و لكن لحصولها بالجماع معنى لا يحصل إلا بالجماع لأن المقصود بالنكاح الالتذاذ و وجود اللذة و قد وجدت فما أخل سقوط الجماع باللذة و لهذا زوجنا اللّٰه بالحور العين و أما الأثر السادس فهو ما يتعلق بصاحب الهمة إذا أراد أن يتكون عنه ما لا يقع بالعادة إلا بآلة فيفعله بهمته لا بآلة و في وقت بآلة فإن اللّٰه قادر أن يكون آدم ابتداء من غير تخمير و لا توجه يدين و لا تسوية و لا تعديل لنفخ روح بل يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ و مع هذا فخمر طينته بيديه و سواه و عدله ثم نفخ فيه الروح و علمه الأسماء و أوجد الأشياء على ترتيب كما أنه لو شاء جعلنا نكتفي بالعلم به عن أسمائه و لكن تسمى بكذا في كل لسان وضعه في العالم فيسمى بالله في العرب و بخداي في الفرس و بواق في الحبش و في كل لسان له أسماء مع العلم بوجوده و أظهر فائدة ذلك مع الاستغناء عما ظهر و الاكتفاء و من هذا الباب ما يظهر عنا من الأفعال مع أنه يجوز أن يفعلها اللّٰه لا بأيدينا و لكن ما وصل إلى هذا الفعل في الشاهد إلا بأيدينا فأراد تحريك الجسم من مكان إلى مكان فجعل فينا إرادة طلب الانتقال فقمنا بحركة اختيارية نعقلها من نفوسنا و انتقلنا و الانتقال خلق اللّٰه بالأصل و لكنه وجد عن إرادة حادثة اختيارية بخلاف حركة المرتعش فإنها اضطرارية فالإنسان المختار مجبور في اختياره عند السليم العقل ثم ما من حقيقة لا يظهر حكمها إلا بالمحل فلا تظهر إلا بالمحل فيفرق بين ما يجوز و بين ما لا يجوز فالتحرك محال وجوده إلا في متحرك و من هذا الباب نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الباقي من الليل مع كونه معنا أينما كنا فهذا حكم نزول قد ظهر بفعل ما يمكن حصول ذلك المراد من غير هذا النزول لكن إذا أضفته إلى قوله تعالى فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ كان نزولا و لا بد عن مرتبة الغني لأنه لا يقبل هذا النزول إلا لنسبة إلهية تقتضيها ذاته فلم تكن إلا بنزول فافهم فإن الإضافات لها من الحكم الذاتي ما ليس لغير المضاف و الحقائق لا تتبدل و الشأن إنما هو ظهور حكم في محكوم فهو من وجه تطلبه ذاته و من وجه لا تطلبه ذاته تعالى كالخالق يطلب الخلق و العالم يطلب المعلوم و أما الأثر السابع فوجود الظرفية في الكون هل هي أصل في الكون ثم حملناها على الحق حملا شرعيا أو هي في الحق بحسب ما يليق بجلاله و ظهرت في العالم بالفعل

كقول رسول اللّٰه ص للسوداء أين اللّٰه فأشارت إلى السماء و كانت خرساء قال تعالى وَ اللّٰهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ و بنية فعيل ترد بمعنى الفاعل و بمعنى المفعول كقتيل و جريح فعليم بمعنى عالم و بمعنى معلوم و كلا الوجهين سائغ في هذه الآية إذا كانت الباء من قوله بكل بمعنى الفاء فهو في كل شيء معلوم و بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ أي له في كل شيء إحاطة بما هو ذلك المعلوم عليه و ليس ذلك إلا لله أو لمن أعلمه اللّٰه و أما الأثر الثامن فقوله تعالى فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً أي إذا أردت أن تسأل عن حقيقة أمر فاسأل عنه من له فيه ذوق و من لا ذوق له في الأشياء فلا تسأله فإنه لا يخبرك إلا باسم ما سألت عنه لا بحقيقته فلا يسأل العبد عن اللّٰه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست