responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 281

الزمان المستقبل في تعليق الإرادة و الإرادة واحدة العين فانتقل حكمها من ترجيح بقاء الممكن في شيئية ثبوته إلى حكمها بترجيح ظهوره في شيئية وجوده فهذه حركة إلهية قدسية منزهة أعطتها حقيقة الإمكان التي هي حقيقة الممكن فلما خلق اللّٰه المخلوق الممكن المنعوت بالإرادة و القدرة على ظهور الأفعال منه بحكم النيابة عن اللّٰه في ظاهر الأمر لا في باطنه فهو سبحانه في الباطن مظهر الممكن في شيئية وجوده من خلف حجاب الظاهر المريد القادر الذي هو المخلوق الذي له هذه الصفة فهو يد اللّٰه المريد بإرادة اللّٰه فيفعل بالهمة كقوله كُنْ و يفعل بالمباشرة كخلقه آدم بيديه و جميع ما أضافه إلى خلق يده سبحانه فيقال في الحق مع هذه النسبة من غير مباشرة و هي في العبد مباشرة فإن وقعت من غير مريد لها فما هو مطلوبنا و لا تكلمنا فيه و إنما ذلك له سبحانه أظهره في هذا المحل الخاص كحركة المرتعش و كل ما صدر عن غير إرادة فما هو نائب صاحب هذه الصفة فالنائب يطلعه اللّٰه في قلبه على ما يريد الحق إيجاد عينه من الممكنات و هو على ضربين في اطلاعه فتارة يكون عن نظر و فكر فينوب بنظره و فكره عن اللّٰه المدبر المفصل من حيث إنه يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيٰاتِ و تارة يخطر له بديهيا ما يلقيه اللّٰه في باطنه كما يعطي العلم الإلهي الإرادة الإلهية التعلق بإيجاد أمر ما من غير حكم الاسم المدبر المفصل فيظهر هذا الممكن على يد هذا المخلوق الذي هو مريد له و هو النائب بالوجهين التدبير و البديهة فقد حصل لهذا النائب اطلاع على حضرة أعيان الممكنات في شيئية ثبوتها في النائب في حضرة خياله و ذلك أن اللّٰه أخرج هذا الممكن من شيئية ثبوته إلى شيئية وجوده في حضرة خيال ليقع الفرق بين اللّٰه و بين النائب في ظهور هذه العين المطلوب وجودها في عالم الحس فتتصف هذه العين بأنها محسوسة إن كانت صورة و إن لم تكن صورة يدركها البصر و تكون معنى فيلبسها صورة العبارات عنها أو صورة ما يدل عليها من إيماء أو إشارة فتلك صورتها التي يمكن أن تظهر لعين الرائي فيها أو السامع أو ما كان فالنائب على الحقيقة إنما أخرج بالإرادة ما أخرج من وجود خيالي متوهم أو معقول إلى وجود حسي مقيد بصورة عينية أو لفظية أو ما كان و تعلق بهذا الوجود البصر من الرائي إن كان في صورة عين و إن كان في صورة لفظ و أشباهه فيدركه بسمع فيضاف مثل هذا الوجود و الإيجاد إلى النائب و لكن لا بد من شرط الإرادة و الاختيار في ذلك فإن تعرى عنهما فليس من بنائب و لو ظهر ذلك منه و عليه بل ذلك لله تعالى و أما وجود ما لا ينقال فليس للنائب فيه دخول البتة فإن ذلك من خصائص الحق فتفهم ما بيناه لك فإنه من لباب المعرفة

[أما النيابة الرابعة فهي نيابته فيما نصبه الحق له]

و أما النيابة الرابعة فهي نيابته فيما نصبه الحق له مما لو لم يكن عنه لكان ذلك عن اللّٰه تعالى فاعلم أن اللّٰه تعالى لما أراد أن يعرف فلا بد أن ينصب دليلا على معرفته و لا بد أن يكون الدليل مساويا له تعالى في العلم به من حيث هو أمر موجود و أن يكون عالما بنفسه من حيث ما هو موصوف بصفة تسمى العلم و عالم بنفسه بما هو يرى نفسه و تسمى مكاشفة أو مشاهدة و هذا من كونه ذا بصر فإن اللّٰه وصف نفسه بأن له بصرا كما وصف نفسه بأن له علما قال تعالى أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ و في الخبر الإلهي ما قاله لموسى و هارون إِنَّنِي مَعَكُمٰا أَسْمَعُ وَ أَرىٰ و

ورد في حديث الحجب و هو صحيح ما أدركه بصره من خلقه فلما نصب الدلالة عليه نصبها في الآفاق فدلت آيات الآفاق على وجوده خاصة فما نابت الآفاق في الدلالة عليه بما جعل فيها من الآيات منا به لو ظهر للعالم بذاته فخلق الإنسان الكامل على صورته و نصبه دليلا على نفسه لمن أراد أن يعرفه بطريق المشاهدة لا بطريق الفكر الذي هو طريق الرؤية في آيات الآفاق و هو قوله تعالى سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ ثم لم يكتف بالتعريف حتى أحال على الإنسان الكامل حتى قال وَ فِي أَنْفُسِهِمْ و هنا قال حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ إشارة إلى ما خلق عليه الإنسان الكامل الذي نصبه دليلا أقرب على العلم من طريق الكشف و الشهود فقال أهل الشهود كفانا أَ لَمْ تَرَ إِلىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ فذكر الكيف و الظل لا يخرج إلا على صورة من مده منه فخلقه رحمة فمد الظل رحمة واقية فلا مخلوق أعظم رحمة من الإنسان الكامل و لا أحد من المخلوقين أشد بطشا و انتقاما من الإنسان الحيواني فالإنسان الكامل و إن بطش و كان ذا بطش شديد فالإنسان الحيواني أشد بطشا منه و لذلك قال أبو يزيد بطشي أشد منه من حيث نفسه الحيوانية لأنه يبطش بما لم يخلق فلا رحمة له فيه و الحق يبطش بمن خلق فالرحمة مندرجة في بطشه حيث كان فإن

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست