responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 198

منه في المتلو الذي هو قبله ففيه ما في الأول و زيادة هكذا هي كلمات الوجود الإلهية و الآخر يتضمن ما في الأول و الظاهر يتضمن ما في الآخر و الأول و الباطن يتضمن ما في الظاهر و الآخر و الأول و لو جاء شيء بعد الباطن لتضمن الباطن و ما قبله و لكن الحصر منع أن يكون سوى هذه الأربعة و لا خامس لها إلا هويته تعالى و ما ثم في العالم حكم إلا من هذه الأربعة و على صورة هذه الأربعة ظهر عالم الأرواح و عالم الأجسام و ما ثم عالم سوى هذين فمن الإلهيات علم و إرادة و قدرة و قول عنها ظهر عالم الأرواح الخارج عن الطبيعة و الطبيعة ثم أظهر عن هذه الأربعة الإلهية الطبيعة على أربع و عنها أظهر عالم الأجسام كثيفها و لطيفها كما أظهر عن هذه الأربع الإلهية من عالم التدوين و التسطير عقلا و نفسا و طبيعة و هيولى قبل ظهور الأجسام و أظهر الأركان أربعة و هي النار و الهواء و الماء و التراب و أظهر النشأة الحيوانية على أربعة أخلاط و جعل لهذه الأخلاط أربع قوى جاذبة و ماسكة و هاضمة و دافعة فأقام الوجود على التربيع و جعله لنفسه كالبيت القائم على أربعة أركان فإنه الأول و الآخر و الظاهر و الباطن فللباطن ركن الحجر الأسود فإنه يمين اللّٰه في الأرض المقبل على جهة البيعة لله فالعين تقع على الحجر و البصيرة تقع على اليمين فاليمين باطن للحجر غير ظاهر للبصر فيشرف ركن الحجر على سائر الأركان فضم حكم الباطن حكم الثلاثة النعوت التي قبل الباطن و هو المخصوص بهذا المنزل و لب هذا المنزل هو الصورة الإلهية التي منها يكون الإمداد له لب تلك الصورة و هو روحها و هو لب اللب و هو خزانة الإمداد لهذا المنزل و لهذا المنزل التحكم في العالم كله كَمِشْكٰاةٍ فِيهٰا مِصْبٰاحٌ الْمِصْبٰاحُ فِي زُجٰاجَةٍ الزجاجة يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ هويته فهي لاٰ شَرْقِيَّةٍ وَ لاٰ غَرْبِيَّةٍ لا تقبل الجهات عن هذه الزيتونة يكون الزيت و هو المادة لظهور هذا النور فهذه أربعة مشكاة و زجاجة و مصباح و زيت و الخامس الهوية و هو الزيتونة المنزهة عن الجهات و كني عنها بالشجرة من التشاجر و هو التضاد لما تحمله هذه الهوية من الأسماء المتقابلة كالمعز و المذل و الضار و النافع فانظر ما أكمل العبارات الإلهية في الإخبار بما هو الأمر عليه فمن دخل هذا المنزل و فاته شيء من العالم و حقائقه فما دخله و إنما خيل الشيطان له أو النفس أنه دخله وَ مٰا قَتَلُوهُ وَ مٰا صَلَبُوهُ وَ لٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ إذ حضرة الخيال تنشئ كل صورة و كثير من الناس يدخلون هذه الحضرة الخيالية و يشاهدون ما تجلى لهم من الصور فيزعمون أنهم شاهدوا الوجود الثابت العين على ما هو عليه و لم يكن سوى ما صوره الخيال فمن يلي بمثل هذا فليتربص قليلا فإن كان ما يشاهده روحا ثابت العين في الوجود أو محسوسا في العين فإنه يثبت و لا يتغير و إن كان خيالا فلا يثبت و يسرع إليه التغير في الحال و يرى صورة التغير فيه و يعلم أن الذي ظهر له بالتغير هو عين الأول و يرى بعضهم نفسه في صورتين و أكثر و يعلم أنه هو فبهذا يفرق بين الصور الثابتة في عينها حسا و روحا و بين الصور الخيالية و هذا ميزانها لمن لا معرفة له فقد نبهتك و نصحتك فلا تغفل عن هذا الميزان إن كنت من أهل الكشف و ما جعل اللّٰه النوم في العالم الحيواني إلا لمشاهدة حضرة الخيال في العموم فيعلم إن ثم عالما آخر يشبه العالم الحسي و نبهه بسرعة استحالة تلك الصور الخيالية للنائمين من العقلاء على إن في العالم الحسي و الكون الثابت استحالات مع الأنفاس لكن لا تدركها الأبصار و لا الحواس إلا في الكلام خاصة و في الحركات و ما عدا هذين الصنفين فلا تدركه صورة الاستحالات و التغيرات فيها إلا بالبصيرة و هو الكشف أو بالفكر الصحيح في بعض هذه الصور لا في كلها فإن الفكر يقصر عن ذلك و أصل ذلك كله أعني أصل التغير من صورة إلى مثلها أو خلافها في الخيال أو في الحس أو حيثما كان في العالم فإنه كله لا يزال يتغير أبد الآبدين إلى غير نهاية لتغير الأصل الذي يمده و هو التحول الإلهي في الصور الوارد في الصحيح فمن هناك ظهر في المعاني و الصور

فمن معنى إلى معنى و من صور إلى صور
و هو قوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ و هو ما يحدثه من التغييرات في الأكوان فلا بد أن يظهر في كل صورة تغيرها بحكم لا يكون إلا لذلك المتغير فإن فهمت فقد أبنت لك الأمر على ما هو عليه ف‌ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَذِكْرىٰ أي في تغيير العالم ذكرى بتغير الأصل لِمَنْ كٰانَ لَهُ قَلْبٌ فإن القلب له التقليب من حال إلى حال و به سمي قلبا فمن فسر القلب بالعقل فلا معرفة له بالحقائق فإن العقل تقييد من العقال فإن أراد بالعقل الذي هو التقييد ما نريده نحن أي ما هو مقيد بالتقليب فلا يبرح

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست