responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 192

نفس تلك الصورة التي أدركها البصر و في وقت آخر يعطيه الكشف بما تكلم به ذلك الشخص فيه قلبه و هو الكلام على الخاطر عن علم معين له و كشف لا عن زجر و لا حدس و لا موافقة و فيه علم ما يبقى الرفق الإلهي بالعالم و فيه علم حكمة وجود العالم و فيه علم أسباب النزول و فيه علم الوهب و الكسب و فيه علم ما هو الأمر الذي يقوم فيه العبد مقام سيده و فيه علم رعاية الأسباب التي أعطت الخير لصاحب النظر فيها و فيه علم الإبدال أي علم الصور التي يدركها البدل على صورته حيث شاء على علم منه و إن منزلته منزلة عيسى ع في قوله وَ السَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا و علم الصور التي يقيمها الحق بد لا من صورة هذا الذي يقام عنه حيث شاء الحق على غير علم من هذا الذي يقام عنه و منزلته فيها منزلة يحيى ع في قول اللّٰه وَ سَلاٰمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و أي المقامين أتم و أعلى و كون يحيى لم يجعل لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا و اختصاصه بذبح الموت يوم القيامة و فيه علم ما السبب الذي يدعو الإنسان أن يطلب الانفراد بالأتم و الأعلى و التفوق على غيره و فيه علم رفع المقادير هل ترفع في نفس الأمر أو لا يصح رفعها و إنما ترفع في حق من ترفع في حقه و هي مقدرة عند اللّٰه من حيث لا يشعر العالم بذلك و فيه علم إن كل شيء يعلمه الإنسان إنما هو تذكر لا ابتداء علم و أن كل علم عنده لكنه نسيه و فيه علم صورة تسليط الجن على الإنس و الإنس على الجن و هل تسليط الجن على الإنس ظاهر أو باطنا أو هو في حق قوم ظاهرا خاصة و الباطن معصوم أو كيف هو الأمر و كذلك القول في تسليط الإنس على الجن إلا إن الإنس ليس لهم تسليط إلا على ظاهر الجن الأمن تروحن من الأنس و تلطف معناه بحيث يظهر في ألطف من صور الجن فيسري بذاته في باطن الجن سريان الجن في باطن الإنس فيجهله الجني و يتخيل أن ذلك من حكم نفسه عليه و هو حكم هذا الإنسي المتروحن و ما رأيت أحدا نبه على هذا النوع من العلم و أطلعني اللّٰه تعالى عليه فما أدري هل علمه من تقدم من جنسي و ما ذكره أم لا و فيه علم الدواء الذي يزيل به الإنسان ما أثر فيه الجن في تسلطه عليه و فيه علم ما ينكشف له بعد ذهاب هذا الأثر منه و فيه علم صدور الكثرة عن الواحد و هل صدر عن الواحد أحدية الكثرة أو الكثرة و فيه علم الصادر عن المصدر أنه يؤذن أن يكون له حكم المصدر فإن ثبت هذا فيكون مال العالم المكلف إلى الراحة فإن الحق ما صدر عنه العالم من يوم الأحد إلى يوم الجمعة و دخل يوم الأبد و هو يوم السبت و السبت الراحة و هو السابع من الأيام الذي لا انقضاء له و ما مس الخالق من لغوب في خلقه ما خلق و لكن كان يوم السبت يوم الفراغ من طبقات العالم و بقي الخلق من اللّٰه فيما يحتاج إليه هذا العالم من الأحوال التي لا ينتهي أبدها و لا ينقضي أمدها و فيه علم نشء الملائكة و فيه علم نشء الإنسان و مرتبته و ما له من الحضرة الإلهية و تفاضل أشخاص هذا النوع بما ذا يكون التفاضل هل بالنشء أو بما يقبله من الأعراض و فيه من العلوم غير هذا و لكن قصدنا إلى المهم فالمهم من ذلك لننبه القلوب عليه وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

(الباب السابع و الأربعون و ثلاثمائة في معرفة منزل العندية الإلهية و الصف الأول عند اللّٰه تعالى)



كم بين من يعلم ما كان له و بين من زاد على علمه
هذا الذي في علمه يرتقي و ذاك ما يبرح من حكمه
فالحال للأول من كيفه و العلم للآخر من كمه
كمه لا ينتهي حكمه فعلمه يربي على فهمه
لو لا وجود الحرف ما كان لي فهم و قد يدرك من وهمه
فالعلم و الفهم لعيني معا و ليس للحق سوى علمه

[إن اللّٰه جعل عنديته ظرفا لخزائن الأشياء]

و قال تعالى وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ و قال آتَيْنٰاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنٰا وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً و قال وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ و

قال رسول اللّٰه ص كما تصف الملائكة عند ربها و قال تعالى إِنَّ اللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّٰاعَةِ و قال تعالى وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ عِنْدَنٰا خَزٰائِنُهُ فاختلفت إضافات هذه العندية باختلاف ما أضيفت إليه من اسم و ضمير و كناية و هي ظرف ثالث و ما رأيت من أهل اللّٰه من تنبه له حتى يعرف ما هو فإنه ليس بظرف زمان و لا ظرف مكان مخلص بل ما هو ظرف مكانة جملة واحدة على

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 192
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست