responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 163

العموم لما يسبق إلى النفوس من ذلك و بقي تعلق الاصطفاء بمن يتعلق هل بالصاحبة فيكون من باب التجلي في الصور فيكون عين الصورتين لأنه قال لَوْ أَرَدْنٰا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً يعني الولد لاَتَّخَذْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا و ما له ظهور إلا من الصاحبة التي هي الأم فيكون الاصطفاء في حق الصاحبة و هي من لدنه فما خرج عن نفسه كما إن آدم ع ما خرج عن نفسه في صاحبته فما نكح إلا من هو جزء منه به و بالمجموع يكون نفسه فهو قوله مِنْ لَدُنّٰا و جاء بحرف لو فدل على الامتناع فلم يكن من الوجهين فإن كان الاصطفاء للبنوة فذلك التبني لا البنوة و إن استندوا إلى غير خبر إلهي و أعني بالخبر الإلهي ما جاء على لسان الرسل في الكتب أو في الوحي فإن كان استنادهم إلى كشف إلهي و اطلاع في ذلك فهم تحت حكم ما اطلعوا و لا عذر للمقلدة في ذلك لأن فيهم الأهلية للاطلاع بحكم النشأة فإن لها استعدادا عاما و هو الاستعداد للاطلاع و إن تفاضل الاطلاع فذلك لاستعداد آخر خاص غير الاستعداد العام فأهل الجبر إذا استمسكوا بالخبر سعدوا و إن أخطئوا في التأويل و لم يصادفوا العلم فلهم ثواب الاجتهاد و إن أصابوا فهو المقصود فمنهم من هو عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ بإصابته و منهم من ليس على بينة من ربه و هو مصيب في نفس الأمر و كل من له متمسك إلهي فهو ناج و أما من كفر بالكل فذلك غاية العمي

(وصل)في التحضيض الكوني

و هو سر جعله اللّٰه في عباده العامة و السالكين في هذا الطريق و أما الخاصة فلا يقع منهم ذلك أبدا لأنه ليس بنعت إلهي إلا أنه جاء من اللّٰه فيما يرجع إلى الكون لا فيما يرجع إليه سبحانه مثل قوله لَوْ لاٰ جٰاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدٰاءَ و أما أداة لو فهي إلهية و تتضمن معنى التحضيض و قد اتصف بها خاصة اللّٰه

فقال رسول اللّٰه ص لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى و لجعلتها عمرة و لكني سقت الهدى فلا يحل مني حرام حَتّٰى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فرائحة التحضيض في لو هو ما يفهم منه كأنه قال لنفسه هلا أحرمت بعمرة و لا يقع التحضيض من الخواص أبدا إلا فيما شغلوا به نفوسهم من الأفعال التي ترضي اللّٰه فيبدو لهم في ثاني زمان رضي اللّٰه في فعل ما هو أتم و أعلى من الأول إما في جناب اللّٰه أو في حق نفسه أو في حق الغير رفقا بهم و شفقة عليهم لا يقع منهم على جهة الاعتراض على اللّٰه بأن يقولوا هلا فعل اللّٰه كذا عوضا من فعله كذا هذا لا يتصور من الخواص أبدا فإنه سوء أدب مع اللّٰه تعالى و ترجيح تدبير كوني على تدبير إلهي و ما وصف الحق نفسه بأنه يُدَبِّرُ الْأَمْرَ إلا أن يعرفنا أنه ما عمل شيئا إلا ما تقتضيه حكمة الوجود و أنه أنزله موضعه الذي لو لم ينزله فيه لم يوف الحكمة حقها و هو اَلَّذِي أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ و لذلك لا يمكن أن يظهر لعباده في صفة تحضيض بالنظر إليه فوضعه في اللسان بل في جميع الألسنة ابتلاء لعباده و تمحيصا ليجتنبه أهل العناية فيتميزوا بذلك عن غيرهم

[أن السعادة غير كمال الصورة]

و اعلم أن الاختصاص الإلهي الذي يعطي السعادة غير الاختصاص الإلهي الذي يعطي كمال الصورة و قد يجتمعان أعني الاختصاصين في حق بعض الأشخاص فالاختصاص الذي يعطي السعادة هو الاختصاص بالإيمان و العصمة من المخالفة أو بموت عقيب توبة و الاختصاص الذي يعطي كمال الصورة هو الذي لا يعطي إلا نفوذ الاقتدار و التحكم في العالم بالهمة و الحس و الكامل من يرزق الاختصاصين و أقوى التأثير تأثير من يغضب اللّٰه كقوم فرعون حيث قال تعالى فيهم فَلَمّٰا آسَفُونٰا انْتَقَمْنٰا مِنْهُمْ أي أغضبونا و لله سبحانه نفوذ الاقتدار فانتقم منهم ليجعلهم عبرة للآخرين و جعل ذلك مقابلا لنفوذ الاقتدار الكوني لأنه قال آسَفُونٰا أ لا ترى إلى علم فرعون في قوله فَلَوْ لاٰ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ يقول فلو و هو حرف تحضيض أعطى يعني موسى نفوذ الاقتدار فينا حتى لا ننازعه و نسمع له و نطيع لأن اليدين محل القدرة و الأسورة و هو شكل محيط من ذهب أكمل ما يتحلى به من المعادن و نفوذ الاقتدار من الاختصاص الإلهي يقول لقومه فما أعطى ذلك موسى و الذي يدلك على ما قلناه إن فرعون أراد هذا المعنى في هذا القول أنه جاء بأو بعده و هي حرف عطف بالمناسب فقال أَوْ جٰاءَ مَعَهُ الْمَلاٰئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ لعلمه بأن قومه يعلمون أن الملائكة لو جاءت لانقادوا إلى موسى طوعا و كرها يقول فرعون فلم يكن لموسى ع نفوذ اقتدار في حتى أرجع إلى قوله من نفسي بأمر ضروري لا نقدر على دفعه فترجعوا إلى قوله لرجوعي و لا جاء معه من يقطع باقتدارهم فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ أي لطف معناهم بالنظر فيما قاله لهم فلما جعل فيهم هذا حملهم على تدقيق النظر في ذلك و لم يكن لهم هذه الحالة قبل ذلك فأطاعوه ظاهرا بالقهر الظاهر لأنه في

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست