responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 16

ليصبر عليها و ابتلته معرفته في تلك المصيبة بثلاث مصائب كلفه اللّٰه الشكر عليها حيث أعلمه بتلك النعم في تلك المصيبة الواحدة فانظر إلى معرفة عمر رضي اللّٰه عنه كيف أوجب على نفسه مثل هذا و انظر إلى ما فيها من الأدب حيث عدل عن النظر فيها من كونها مصيبة إلى رؤية النعم فتلقاها بالقبول لأن النعمة محبوبة لذاتها فرضي فكان له مقام الرضاء و الاستسلام و التفويض و الصبر و الاعتماد على اللّٰه و أين الناس من هذا الذوق الشريف و لم يحكم أحد من الأولياء و لا قام فيه مثل هذا المقام مثل أبي بكر الصديق إلا من لا أعرفه فإنه رضي اللّٰه عنه ما ظهر قط عليه مما كان عليه في باطنه من المعرفة شيء لقوته إلا يوم مات رسول اللّٰه ص و ذهلت الجماعة و قالوا ما حكى عنهم إلا الصديق فإن اللّٰه تعالى و فقه لإظهار القوة التي أعطاه لكون اللّٰه أهله دون الجماعة للامامة و التقدم و الإمام لا بد أن يكون صاحيا لا يكون سكران فقامت له تلك القوة في الدلالة على إن اللّٰه قد جعله مقدم الجماعة في الخلافة عن رسول اللّٰه ص في أمته كالمعجزة للنبي ص في الدلالة على نبوته فلم يتقدم و لا حصل الأمر الإله عن طوع من جماعة و كره من آخرين و ذلك ليس نقصا في إمامته كراهة من كره فإن ذلك هو المقام الإلهي و اللّٰه يقول وَ لِلّٰهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً فإذا كان الخالق الذي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ يسجد له كرها فكيف حال خليفته و نائبه في خلقه و هم الرسل فكيف حال أبي بكر و غيره فلا بد من طائع و كاره يدخل في الأمر على كره لشبهة تقوم عنده إذا كان ذا دين أو هوى نفس إذا لم يكن له دين فأما من كره إمامته من الصحابة رضي اللّٰه عنهم فما كان عن هوى نفس نحاشيهم من ذلك على طريق حسن الظن بالجماعة و لكن كان لشبهة قامت عندهم رأى من رأى ذلك أنه أحق بها منه في رأيه و ما أعطته شبهته لا في علم اللّٰه فإن اللّٰه قد سبق علمه بأن يجعله خليفة في الأرض و كذلك عمر و عثمان و علي و الحسن و لو تقدم غير أبي بكر لمات أبو بكر في خلافة من تقدمه و لا بد في علم اللّٰه أن يكون خليفة فتقدمهم بالزمان بأنه أولهم لحوقا بالآخرة فكان سبب هذا الترتيب في الخلافة ترتيب أعمارهم فلا بد أن يتأخر عنها من يتأخر مفارقته للدنيا ليلي الجميع ذلك المنصب و فضل بعضهم على بعض مصروف إلى اللّٰه هو العالم بمنازلهم عنده فإن المخلوق ما يعلم ما في نفس الخالق إلا ما يعلمه به الخالق سبحانه و ما أعلم بشيء من ذلك فلا يعلم ما في نفسه إلا إذا أوجد أمرا علمنا أنه لو لا ما سبق في علم اللّٰه كونه ما كان فالله يعصمنا من الفضول إنه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ فهذا قد أبنت لك منزلة العارف من هذا المنزل على غاية الاختصار بطريق التنبيه و الإيماء فإن المقام عظيم فيه تفاصيل عجيبة فلنذكر فهرست ما يتضمنه هذا المنزل من العلوم فمن ذلك علم ذهاب النور الأعظم و بقاء حكمه و هو من أعجب الأشياء وجود الحكم مع عدم عين الحاكم و يتعلق بهذه المسألة فقد النبي ص و بقاء شريعته في المكلفين إلا في مذهب من يقول إن الشارع هو اللّٰه و هو موجود و فيه علم طموس العلوم و ما سببها و منها سبب عزل أهل المراتب من مراتبهم مع وجود الأهلية منهم و لما ذا عزلوا و هم يستحقونها و هل يصح هذا العزل أم لا مع وجود الأهلية و هل للسلطان عزل القاضي العادل إذا ولاة أو لا ينعزل في نفس الأمر إذا جار عليه السلطان و أخره عن الحكم فإن حكم و هو بهذه المثابة هل ينفذ حكمه شرعا أو لا ينفذ و بعد أن يحكم و هو بهذه المثابة لشخص بأمر ما فيأبى السلطان إمضائه و يطلب الخصم المحكوم عليه الرجوع إلى القاضي الذي ولاة السلطان فيظهر عند القاضي الثاني أن الحكم للذي كان الحكم عليه عند الأول هل لهذا المحكوم له عند القاضي الثاني أن يأخذ ما حكم له به مما كان قد انتزعه منه خصمه بالحاكم الأول أم لا و هل يصح قضاء هذا الثاني أم لا و إن صح فهل هو مستقل فيه كالأول أو هو كالنائب عن الأول إلا أنه بأمر سلطاني أو ينعزل الحاكم الأول إذا عزله السلطان من هذا المنزل يعرف ذلك و من أراد تحقيق هذه المسألة و دليلها فلينظر في النسخ الوارد في الشريعة الواحدة فيصح العزل و من نظر في حكم المشرعين و أن اللّٰه ما عزل نبيا رسولا عن رسالته بغيره في تلك الأمة التي له إلا بعد موته قال لا ينعزل فهو على حسب ما يكشف له فافهم و من علوم هذا المنزل علم الجور في العالم من أي حضرة صدر و ما ثم إلا العدل المحض فمن أين هذا الجور و أي حقيقة ترتبط به و أي اسم يدل عليه و ذهاب الرجال الذين يحفظ اللّٰه بهم العالم و علم نزول الكلم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست