responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 14

الملإ الأعلى روح من هذه الأرواح الآمرة التي لها التقدم على غيرها كإسرافيل و إسماعيل و عزرائيل و جبريل و ميكائيل و النور و الروح و أمثالهم فإن العارف يكون له أثر في العالم العلوي و السفلي بقدر مرتبة ذلك الروح الذي يتولاه من هناك فمن تولاه إسرافيل يكون له من الأثر بحسب مرتبة إسرافيل و ما يكون تحت نظره و أمره و كذلك كل روح بهذه المثابة له رجل أو امرأة على مقامه و هو الذي تسمعونه من الطائفة من أن فلانا على قلب آدم أو جماعة على قلب آدم و جماعة على قلب إبراهيم أي لهم من المنازل ما لإبراهيم و آدم من مقام الولاية التي لهم لا من مقام النبوة و إن كان لهم منها شرب فمن بعض مقاماتها لا كلها كالرؤيا جزء من أجزاء النبوة و غيرها و أما النبوة بالجملة فلا تحصل إلا لنبي و أما الولي فلا إلا أن يكون له من ظهره تمده و تقويه و تؤيده هكذا أخذتها مشاهدة من نفسي و أخبرت أن كل ولي كذا يأخذها من المكملين في الولاية و يترجم عنها و لكن من حجاب الظهر و يكون للنبي من الفوق أو من الأمام تنزل على قلبه أو يخاطب بها في سمعه فالولي يجد أثرها ذوقا و هو فيها كالأعمى الذي يحس بجانبه شخص و لا يعرف من هو ذلك الشخص و لهذا تقول الطائفة لا يعرف اللّٰه إلا اللّٰه و لا النبي إلا النبي و لا الولي إلا ولي مثله فالنبي ذو عين مفتوحة لمشاهدة النبوة و الولي ذو عين مفتوحة لمشاهدة الولاية ذو عين عمياء لمشاهدة النبوة فإنها من خلفه فهو فيها كحافظ القرآن لأنه من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه و لم يقل في صدره و لا بين عينيه و لا في قلبه فإن تلك رتبة النبي لا رتبة الولي و أين الاكتساب من التخصيص فالنبوة اختصاص من اللّٰه يختص بها مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ و قد أغلق ذلك الباب و ختم برسول اللّٰه محمد ص و الولاية مكتسبة إلى يوم القيامة فمن تعمل في تحصيلها حصلت له و التعمل في تحصيلها اختصاص من اللّٰه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشٰاءُ قال تعالى إِنَّكَ لاٰ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ كما قال تعالى نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِنٰا فبنور النبوة تكتسب الولاية فالأولياء هم ولاة الحق على عباده و الخواص منهم الأكابر يقال لهم رسل و أنبياء و من نزل عنهم بقي عليه اسم الولاية فالولاية الفلك المحيط الجامع للكل فهم و إن اجتمعوا في منصب الولاية فالولاة لهم مراتب فالسلطان وال على الخلق و القاضي وال و المحتسب وال و أين رتبة السلطان من مرتبة صاحب الحسبة و كلهم لهم الأمر في الولاية و هكذا ما ذكرناه في حق الأنبياء و الرسل و الأقطاب كل ولي على مرتبته فالسلطنة لا تحصل بالكسب جملة و ما عداها يتعمل في تحصيلها فثم وال يقدم للسلطان خدمة من مال أو متاع فيوليه السلطان المنصب الذي يليق به و خدم عليه و هو بمنزلة من تحصل له الولاية من عند اللّٰه بالصدقة و القرض الحسن و صلة الرحم و من الناس من يلازم خدمة السلطان في ركوبه و خروجه و يتعرض له فإذا أمر السلطان بأمر يفعل ما لم يعين أحدا بادر هذا الشخص لامتثال أوامر السلطان فيراه السلطان ملازما مشاهدته مبادرا لأوامره فيوليه فهذا بمنزلة من تحصل له الولاية من اللّٰه بمراقبته و المبادرة لأوامر اللّٰه التي ندب إليها لا التي افترضها عليه و هو

قوله و لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا و بصرا و يدا و مؤيدا فهذا معنى الكسب في الولاية و كذلك من تعرض للسلطان و خدمه عن أمره و واجهه بالأمر فرأى محافظته على الأوامر السلطانية التي أوجبها عليه لا يغفل عنها و لا يتأولها بل يأخذها على الوجوب و يسارع إليها و يسبق إلى امتثالها حين يبطىء عنها و يتأولها من هو معه في رتبته فيرى له السلطان ذلك فيوليه و يعطيه النيابة عنه في رعيته كذلك المسارع إلى ما أوجب اللّٰه عليه من الطاعات و افترضها عليه و أخذ أوامره على الوجوب و لم يتأول عليه كلامه و لا أمره فإن اللّٰه يصطفيه و يوليه أكبر ولاياته و قد عرفت الكسب و محله و الاختصاص و أهله فاسلك عليه فهو الباب الذي من دخل عليه نجا و تولى و دنا و تدلى : و نودي بالأفق الأعلى

[الولي هو من الأمناء الذين لله تعالى في خلقه]

و اعلم أن الولي الذي تمتد إليه رقيقة روحانية جبرئيلية هو من الأمناء الذين لله تعالى في خلقه الذين لا يعرفون في الدنيا فإذا كان في الآخرة و ظهرت منزلته هناك و ما كان ينطوي عليه في هذه الدار مما لا يعرف هنا فإنه كان إما تاجرا في السوق أو بائعا صاحب حرفة أو صنعة أو واليا من ولاة المسلمين من حسبة أو قضاء أو سلطنة و بينه و بين اللّٰه أسرار لا تعرف منه فيقال عنه يوم القيامة عند ظهور ما كان عنده في الآخرة إن اللّٰه أمناء حيث كان هذا عندهم و ما ظهروا به في الدنيا حين ظهر غيرهم بما أعطاه اللّٰه من الكشف بالكلام على الخواطر أو على

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست