responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 684

في ذلك فيما أوصل إليه ترجمان الحق الذي هو الرسول فوافق النفس ما حكم به عليها الطبع فيما أمرت به و لو لا ذلك الوجه الخاص ما انخدع العقل و اتصف باللؤم الذي هو صفة الطبع بحكم الأصالة و في مثل هذا قلنا

يعز علينا أن تكون عقولنا بحكم نفوس إن ذا لعظيم
إذا غلب الطبع اللئيم نجاره على عقل شخص إنه للئيم

[الحضيض يقابل أوجه]

فالعقول و إن كانت عالية الأوج فإن الحضيض يقابل أوجه و هو موطن الطبع النفسي فهو ينظر إليها من أوجه فيراها في مقابلته على خط مستقيم لا اعوجاج فيه و ذلك الخط هو الذي يكون عليه العروج من الحضيض إلى الأوج إذا زكت النفس و عليه يكون نزول العقل إلى الحضيض من الأوج إذا خذل العقل و إنما خذله استقامة الخط فإنه على الاستقامة فطر ثم إنه رأى النفس زكت بعروجها عليه فهذا الذي خدع العقل من النفس فإنه لا حظ للعقل في الطبع و ساعده على النزول

قول الترجمان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لو دليتم بحبل لهبط على اللّٰه و العقل مجبول على طلب الزيادة من العلم بالله فأراد في نزوله إلى الطبع على ذلك الخط من وجه ليرى هل نسبة الحق إلى الحضيض نسبته إلى الأوج أم لا فيريد علما بالذوق بأنه على ذلك الحد أو ما هو عليه بل له نسبة أخرى فتحصل له الفائدة على كل حال فلهذا القصد أيضا أمر بإتمام نسكه و لم يبطل عمله و لا سيما و قد سمع أن أربعة أملاك التقوا ملك كان يأتي من المغرب و آخر مقبل من المشرق و آخر نازل من الفوق و آخر صاعد من التحت فسأل كل واحد صاحبه من أين جئت فكل قال من عند اللّٰه فلا بد للعقل مع شوقه لطلب الزيادة من العلم أن يتحرك ليحصل هذا العلم بالله ذوقا حاليا لا تقليد فيه و لا يتمكن له ذلك و هو في أوجه إلا إن قنع بالتقليد فنزل على ذلك الخط لطلب هذه المعارف و في نزوله لا بد أن يرى موضع اجتماع الخطوط فيشاهد علوما كثيرة فهي زلة أوجبت علما فشفع ذلك العلم في صاحب هذه الزلة فجبر له نقصه فلو لا زلة هذا المجامع في الحج ما عرفنا حكم الشرع فيه لو وقع هذا بعد موت المترجم صلى اللّٰه عليه و سلم فمن رحمة اللّٰه حصل تقرير هذا العلم لنكون على بصيرة من ربنا في عباداتنا

(وصل في فصل غسل المحرم بعد إحرامه)

اتفقوا على أنه يجوز له غسل رأسه من الجنابة و اختلفوا في كراهية غسله من غير الجنابة فقالوا لا بأس بغسله و به أقول و كره ذلك بعضهم

[الرأس محل القوى الإنسانية و مجمع القوى الروحانية]

لما كان الرأس محل القوي الإنسانية كلها و مجمع القوي الروحانية اعتبر فيه الحكم دون غيره من الأعضاء لجمعيته و له من الأسماء الإلهية اللّٰه لأنه الاسم المنعوت الجامع فحفظه متعين على المكلف لأنه لو اختل من قواه قوة أدى ذلك الاختلال إما إلى فساد يمكن إصلاحه أو إلى فساد لا يمكن إصلاحه و إما إلى فساد يكون فيه تلفه فيزول عن إنسانيته و يرجع من جملة الحيوانات فيسقط عنه التكليف فتنقطع المناسبة بينه و بين اللّٰه و أعني مناسبة التقريب خاصة لا مناسبة الافتقار لأن مناسبة الافتقار لا تزول عن الممكن أبدا لا في حال عدمه و لا في حال وجوده

[إذا أراد الحق أن يمنحك نزل إليك ما أنت تصعد إليه]

فإذا اغترب الإنسان عن موطن عبوديته فهي جنابته فيقال له ارجع إلى وطنك فلا قدم لك في الربوبية أصلا من ذاتك فإذا أراد الحق أن يمنحك منها ما شاء نزل إليك ما أنت تصعد إليه لأنه يعلمك و يعلم محلك و أينك و أنت لا تعرفه فأين تطلبه فما خرجت عن عبوديتك إلا لجهلك أ لا تراه سبحانه لما أراد أن يهبك من الربانية ما شاء نزل إليك بأمر سماه شرعا بوساطة رسول ملكي فملكك أمورا و جعل لك الحكم فيها على حد ما رسم لك فمن كونك حاكما فيها هو القدر الذي أعطاك من الربوبية و على قدر ما حد لك و منعك من تجاوزه هو ما أبقى عليك من العبودية

فأنت ملك و أنت عبد و أنت في أنت مستعار
و لا وجود في غير عين فلا احتكام و لا افتقار
قد حار مثلي من حرت فيه فلا اضطرار و لا اختيار
و لا فناء و لا بقاء و لا فرار و لا قرار

[الطهارة و النظافة مقصود الشارع]

فوجب الغسل من الجنابة بالاتفاق لأنك عبد بالاتفاق و لست ربا بالاتفاق و أما في غير الجنابة

فحكمة الغسل لحفظ القوي و حفظها من أوجب الحكم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 684
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست