responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 565

به نفس الميت عرفنا إن بينها و بين النفس نسبة فجعلناها للنفس

[زرع العقل و النفس و الجوارح]

ثم إن الروح الذي هو العقل يظهر عنه مما زرع اللّٰه فيه من العلوم و الحكم و الأسرار ما لا يعلمه إلا اللّٰه و هذه العلوم كلها منها ما يتعلق بالكون و منها ما يتعلق بالله و هو بمنزلة الزكاة من الحنطة لأنها أرفع الحبوب و إن النفس يظهر عنها مما زرع اللّٰه فيها من الخواطر و الشهوات ما لا يعلمه إلا اللّٰه تعالى فهذا نباتها و هو بمنزلة التمر و زكاة اللّٰه منها الخاطر الأول و من الشهوات الشهوة التي تكون لأجل اللّٰه و إنما قرناها بالتمر لأن النخلة هي عمتنا فهي من العقل بمنزلة النخلة من آدم فإنها خلقت من بقية طينته و أما الجوارح فزرع اللّٰه فيها الأعمال كلها فأنبتت الأعمال و حظ الزكاة منها الأعمال المشروعة التي يرى اللّٰه فيها

[وجوب الزكاة في أعمال العقل و النفس و الجوارح]

فهذه ثمانية أصناف تجب فيها الزكاة فأما العلم الذي هو بمنزلة الذهب فيجب فيها ما يجب في الذهب و أما العمل الذي هو بمنزلة الفضة فيجب فيه ما يجب في الورق و أما الروح فيجب فيه ما يجب في الغنم و أما النفس فيجب فيها ما يجب في البقر و أما الجوارح فيجب فيها ما يجب في الإبل و أما ما ينتجه العقل من المعارف و ينبته من الأسرار فيجب فيها ما يجب في الحنطة و أما ما تنتجه النفس من الشهوات و الخواطر و تنبته من الواردات فيجب فيه ما يجب في التمر و أما ما تنتجه الجوارح من الأعمال و تنبته من صور الطاعات و غيرها فيجب فيه ما يجب في الشعير

(وصل في اعتبار الأقوات بالأوقات)

اعلم أن الأوقات في طريق اللّٰه للعلماء العاملين بمنزلة الأقوات لمصالح الأجسام الطبيعية و كما أن بعض الأقوات هو زكاة ذلك الصنف كذلك الوقت الإلهي هو زكاة الأوقات الكيانية فإن في الوقت أغذية الأرواح كما إن في الأقوات أغذية الأشباح الحيوانية و النباتية و غذاء الجوارح الأعمال

[العلم و العمل معدنان]

و العلم و العمل معدنان بوجودهما تنال المقاصد الإلهية في الدنيا و الآخرة كما إن بالذهب و الفضة تنال جميع المقاصد من الأعراض و الأغراض فلنبين ما يتعلق بهذا النوع و هذه الأنواع من حق اللّٰه الذي هو الزكاة

(وصل في مقابلة و موازنة الأصناف الذين تجب لهم الزكاة بالأعضاء المكلفة من الإنسان)

و هم الفقراء يوازنهم من الأعضاء الفرج و يوازن المساكين البطن و يوازن العاملين القلب و يوازن المؤلفة قلوبهم بالسمع و يوازن الرقاب بالبصر و يوازن الغارمين باليد و يوازن المجاهدين باللسان و يوازن ابن السبيل بالرجل فإن اعتبرت هذه الموازنة بين هؤلاء الأصناف و بين هذه الأعضاء على ما ذكرناه تجد حكمة ما أشرنا إليه فالفقر في الفرج واضح و كذلك المسكنة في البطن ظاهر و العامل بالقلب صريح و المؤلفة قلوبهم بالسمع بين و الرقاب بالبصر واقع و الغارم باليد إفصاح و المجاهد باللسان صحيح و ابن السبيل بالرجل أوضح من الكل

(وصل في معرفة المقدار كيلا و وزنا و عددا)

خرج مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم قال ليس في حب و لا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق و لا فيما دون خمس ذود صدقة و لا فيما دون خمس أواق صدقة يريد من الورق

[ما ينبته التخلق بالأسماء الإلهية في الإنسان]

فجعل الوسق في الحبوب و هي النبات و هو مكيال معروف و هو ستون صاعا فالخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع و هو ما ينبته التخلق بالأسماء أعني الأخلاق الإلهية من الأخلاق في الإنسان لأنا

قد روينا أن لله ثلاثمائة خلق من تخلق بواحد منها دخل الجنة و كلها أخلاق يصرفها الإنسان مع المخلوقات و مع من ينبغي أن تصرف معه على حد أمر اللّٰه و الزكاة منها هو الخلق الذي يصرفه مع اللّٰه فإنه أولى من يتخلق معه فإنه من المحال أن يبلغ الإنسان بأخلاقه مرضاة العالم و إيثار جناب اللّٰه أولى و هو أن يتخلق مع كل صنف بالخلق الإلهي الذي صرفه اللّٰه معه فيكون موافقا للحق

[العدد العيني و العدد المعنوي]

و قوله و لا فيما دون خمس ذو صدقة فهذا من عدد الأعيان و لا ينعد بالعين إلا العمل لا العلم فإن مقدار العلم معنوي و مقدار العمل حسي

[رمزية العدد الأربعين]

و لا فيما دون خمس أواق صدقة و الأوقية أربعون درهما و الأربعون في الأوقية نظير الأربعين صباحا من أخلصها ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فإذا ظهرت من العبد في خمسة أحوال كما هي في الزكاة خمس أواق حال في ظاهره له أوقية و هو إخلاص ظاهر و حال في باطنه مثله و حال في حده مثله و حال في مطلعه مثله و حال في المجموع مثله فهذه خمسة أحوال مضروبة في أربعين يكون الخارج مائتين و هو حد النصاب فيها خمسة دراهم من كل أربعين درهما درهم و هو ما يتعلق بكل أربعين من التوحيد المناسب لذلك النوع و مقادير المعاني و الأرواح أقدار من قوله وَ مٰا قَدَرُوا

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 565
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست