responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 35

لا ينظر كيف كانت حالته قبل النظر و في حال النظر هل هو مسلم أم لا و هل يصلي و يصوم أو ثبت عنده أن محمدا رسول اللّٰه إليه أو إن اللّٰه موجود فإن كان معتقدا لهذا كله فهذه حالة العوام فليتركهم على ما هم عليه و لا يكفر أحدا و إن لم يكن معتقدا لهذا إلا حتى ينظر و يقرأ علم الكلام فنعوذ بالله من هذا المذهب حيث أداه سوء النظر إلى الخروج عن الايمان و علماء هذا العلم رضي اللّٰه عنهم ما وضعوه و صنفوا فيه ما صنفوه ليثبتوا في أنفسهم العلم بالله و إنما وضعوه إرداعا للخصوم الذين جحدوا الإله أو الصفات أو بعض الصفات أو الرسالة أو رسالة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم خاصة أو حدوث العالم أو الإعادة إلى هذه الأجسام بعد الموت أو الحشر و النشر و ما يتعلق بهذا الصنف و كانوا كافرين بالقرآن مكذبين به جاحدين له فطلب علماء الكلام إقامة الأدلة عليهم على الطريقة التي زعموا أنها أدتهم إلى إبطال ما ادعينا صحته خاصة حتى لا يشوشوا على العوام عقائدهم فمهما برز في ميدان المجادلة بدعي برز له أشعري أو من كان من أصحاب علم النظر و لم يقتصروا على السيف رغبة منهم و حرصا على إن يردوا واحدا إلى الايمان و الانتظام في سلك أمة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم بالبرهان إذ الذي كان يأتي بالأمر المعجز على صدق دعواه قد فقد و هو الرسول ع فالبرهان عندهم قائم مقام تلك المعجزة في حق من عرف فإن الراجع بالبرهان أصح إسلاما من الراجع بالسيف فإن الخوف يمكن أن يحمله على النفاق و صاحب البرهان ليس كذلك.فلهذا رضي اللّٰه عنهم وضعوا علم الجوهر و العرض لا غير و يكفي في المصر منه واحد فإذا كان الشخص مؤمنا بالقرآن أنه كلام اللّٰه قاطعا به فليأخذ عقيدته منه من غير تأويل و لا ميل فنزه سبحانه نفسه أن يشبهه شيء من المخلوقات أو يشبه شيئا بقوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ و سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ .و أثبت رؤيته في الدار الآخرة بظاهر قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نٰاضِرَةٌ إِلىٰ رَبِّهٰا نٰاظِرَةٌ و كَلاّٰ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ و انتفت الإحاطة بدركه بقوله لاٰ تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ و ثبت كونه قادرا بقوله وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ و ثبت كونه عالما بقوله أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً و ثبت كونه مريدا بقوله فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ و ثبت كونه سميعا بقوله لَقَدْ سَمِعَ اللّٰهُ و ثبت كونه بصيرا بقوله أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ و ثبت كونه متكلما بقوله وَ كَلَّمَ اللّٰهُ مُوسىٰ تَكْلِيماً و ثبت كونه حيا بقوله اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ و ثبت إرسال الرسل بقوله وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ و ثبتت رسالة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم بقوله تعالى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِ و ثبت أنه آخر الأنبياء بقوله وَ خٰاتَمَ النَّبِيِّينَ و ثبت أن كل ما سواه خلق له بقوله اَللّٰهُ خٰالِقُ كُلِّ شَيْءٍ و ثبت خلق الجن بقوله تعالى وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ و ثبت حشر الأجساد بقوله مِنْهٰا خَلَقْنٰاكُمْ وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ وَ مِنْهٰا نُخْرِجُكُمْ تٰارَةً أُخْرىٰ إلى أمثال هذا مما تحتاج إليه العقائد من الحشر و النشر و القضاء و القدر و الجنة و النار و القبر و الميزان و الحوض و الصراط و الحساب و الصحف و كل ما لا بد للمعتقد أن يعتقده قال تعالى مٰا فَرَّطْنٰا فِي الْكِتٰابِ مِنْ شَيْءٍ و أن هذا القرآن معجزته ع بطلب معارضته و العجز عن ذلك في قوله قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ثم قطع أن المعارضة لا تكون أبدا بقوله قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هٰذَا الْقُرْآنِ لاٰ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً و أخبر بعجز من أراد معارضته و إقراره بأن الأمر عظيم فيه فقال إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ إلى قوله إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ سِحْرٌ يُؤْثَرُ ففي القرآن العزيز للعاقل غنية كبيرة و لصاحب الداء العضال دواء و شفاء كما قال وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مٰا هُوَ شِفٰاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ و مقنع شاف لمن عزم على طريق النجاة و رغب في سمو الدرجات و ترك العلوم التي تورد عليها الشبه و الشكوك فيضيع الوقت و يخاف المقت إذ المنتحل لتلك الطريقة قلما ينجو من التشغيب أو يشتغل برياضة نفسه و تهذيبها فإنه مستغرق الأوقات في إرداع الخصوم الذين لم يوجد لهم عين و دفع شبه يمكن إن وقعت للخصم و يمكن إن لم تقع فقد تقع و قد لا تقع و إذا وقعت فسيف الشريعة أردع و أقطع.أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّٰه و حتى يؤمنوا بي و بما جئت به هذا قوله صلى اللّٰه عليه و سلم و لم يدفعنا لمجادلتهم إذا حضروا إنما هو الجهاد و السيف إن عاند فيما قيل له فكيف بخصم متوهم نقطع الزمان بمجادلته و ما رأينا له عينا و لا قال لنا شيئا و إنما نحن مع ما وقع لنا في نفوسنا و نتخيل أنا مع غيرنا و مع هذا فإنهم رضي اللّٰه عنهم اجتهدوا و خيرا قصدوا و إن كان الذي تركوا أوجب عليهم من الذي شغلوا نفوسهم به و اللّٰه ينفع الكل بقصده و لو لا التطويل لتكلمت على مقامات العلوم و مراتبها و إن علم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست