responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 36

الكلام مع شرفه لا يحتاج إليه أكثر الناس بل شخص واحد يكفي منه في البلد مثل الطبيب و الفقهاء العلماء بفروع الدين ليسوا كذلك بل الناس محتاجون إلى الكثرة من علماء الشريعة و في الشريعة بحمد اللّٰه الغنية و الكفاية و لو مات الإنسان و هو لا يعرف اصطلاح القائلين بعلم النظر مثل الجوهر و العرض و الجسم و الجسماني و الروح و الروحاني لم يسأله اللّٰه تعالى عن ذلك و إنما يسأل اللّٰه الناس عما أوجب عليهم من التكليف خاصة و اللّٰه يرزقنا الحياء منه

(وصل)
يتضمن ما ينبغي أن يعتقد في العموم

و هي عقيدة أهل الإسلام مسلمة من غير نظر إلى دليل و لا إلى برهان فيا إخوتي المؤمنين ختم اللّٰه لنا و لكم بالحسنى لما سمعت قوله تعالى عن نبيه هود ع حين قال لقومه المكذبين به و برسالته إِنِّي أُشْهِدُ اللّٰهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمّٰا تُشْرِكُونَ فأشهد ع قومه مع كونهم مكذبين به على نفسه بالبراءة من الشرك بالله و الإقرار بأحديته لما علم ع إن اللّٰه سبحانه سيوقف عباده بين يديه و يسألهم عما هو عالم به لإقامة الحجة لهم أو عليهم حتى يؤدي كل شاهد شهادته و

قد ورد أن المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب و يابس و كل من سمعه و لهذا يدبر الشيطان عند الأذان و له حصاص و في رواية و له ضراط و ذلك حتى لا يسمع نداء المؤذن بالشهادة فيلزمه أن يشهد له فيكون بتلك الشهادة له من جملة من يسعى في سعادة المشهود له و هو عدو محض ليس له إلينا خير البتة لعنه اللّٰه و إذا كان العدو لا بد أن يشهد لك بما أشهدته به على نفسك فأحرى أن يشهد لك وليك و حبيبك و من هو على دينك و ملتك و أحرى أن تشهده أنت في الدار الدنيا على نفسك بالوحدانية و الايمان

[الشهادة الاولى]

فيا إخوتي و يا أحبائي رضي اللّٰه عنكم أشهدكم عبد ضعيف مسكين فقير إلى اللّٰه تعالى في كل لحظة و طرفة و هو مؤلف هذا الكتاب و منشئه أشهدكم على نفسه بعد أن أشهد اللّٰه تعالى و ملائكته و من حضره من المؤمنين و سمعه أنه يشهد قولا و عقدا إن اللّٰه تعالى إله واحد لا ثاني له في ألوهيته منزه عن الصاحبة و الولد مالك لا شريك له ملك لا وزير له صانع لا مدبر معه موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده فالعالم كله موجود به و هو وحده متصف بالوجود لنفسه لا افتتاح لوجوده و لا نهاية لبقائه بل وجود مطلق غير مقيد قائم بنفسه ليس بجوهر متحيز فيقدر له المكان و لا بعرض فيستحيل عليه البقاء و لا بجسم فتكون له الجهة و التلقاء مقدس عن الجهات و الأقطار مرئي بالقلوب و الأبصار إذا شاء استوى على عرشه كما قاله و على المعنى الذي أراده كما إن العرش و ما سواه به استوى و له الآخرة و الأولى ليس له مثل معقول و لا دلت عليه العقول لا يحده زمان و لا يقله مكان بل كان و لا مكان و هو على ما عليه كان خلق المتمكن و المكان و أنشأ الزمان و قال أنا الواحد الحي لا يئوده حفظ المخلوقات و لا ترجع إليه صفة لم يكن عليها من صنعة المصنوعات تعالى إن تحله الحوادث أو يحلها أو تكون بعده أو يكون قبلها بل يقال كان و لا شيء معه فإن القبل و البعد من صيغ الزمان الذي أبدعه فهو القيوم الذي لا ينام و القهار الذي لا يرام لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ خلق العرش و جعله حد الاستواء و أنشأ الكرسي و أوسعه الأرض و السماوات العلى اخترع اللوح و القلم الأعلى و أجراه كاتبا بعلمه في خلقه إلى يوم الفصل و القضاء أبدع العالم كله على غير مثال سبق و خلق الخلق و أخلق الذي خلق أنزل الأرواح في الأشباح أمناء و جعل هذه الأشباح المنزلة إليها الأرواح في الأرض خلفاء و سخر لنا مٰا فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ فلا تتحرك ذرة إلا إليه و عنه خلق الكل من غير حاجة إليه و لا موجب أوجب ذلك عليه لكن علمه سبق بأن يخلق ما خلق ف‌ هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ و هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أَحٰاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً و أَحْصىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفىٰ يَعْلَمُ خٰائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ مٰا تُخْفِي الصُّدُورُ كيف لا يعلم شيئا هو خلقه أَ لاٰ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ علم الأشياء منها قبل وجودها ثم أوجدها على حد ما علمها فلم يزل عالما بالأشياء لم يتجدد له علم عند تجدد الإنشاء بعلمه أتقن الأشياء و أحكمها و به حكم عليها من شاء و حكمها علم الكليات على الإطلاق كما علم الجزئيات بإجماع من أهل النظر الصحيح و اتفاق فهو عٰالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ فَتَعٰالىٰ عَمّٰا يُشْرِكُونَ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ فهو المريد الكائنات في عالم الأرض و السموات لم تتعلق قدرته بشيء حتى أراده كما أنه لم يرده حتى علمه إذ يستحيل في العقل

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست