عن عبد اللّه بن جبلة الكناني،عن ذريح المحاربي،قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام بالمدينة:ما تقول في أحاديث جابر؟قال:«تلقاني بمكّة»،فلقيته بمكّة،قال:«تلقاني بمنى»،قال:فلقيته بمنى،فقال لي:«ما تصنع بأحاديث جابر؟!اله عن أحاديث جابر،فإنّها إذا وقعت إلى السفلة أذاعوها».
قال عبد اللّه بن جبلة:فأحسب ذريحا سفلة..
..إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في مدح الرجل.
و أمّا ما سمعته من العلاّمة رحمه اللّه في الخلاصة [1]من نسبته إلى الكشّي، رواية بعض الذم فيه..فإن أراد به الرواية الأخيرة فلا يخفى على ذوي الحجى أنّها مادحة غير ذامّة؛لدلالتها على أنّ في حديثه ما له واقعية و لكن لا تتحمّله عقول السفلة،فلذا أمر عليه السلام بتركها خوفا من ضياعها فهي نظير الخبر الثاني الناطق بترك محادثته السفلة خوفا من إذاعتهم إيّاه.
و إن أراد ما رواه الكشّي رحمه اللّه [2]عن حمدويه،و إبراهيم ابني نصير،عن محمّد بن عيسى،عن عليّ بن الحكم،عن ابن بكير،عن زرارة،قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أحاديث جابر؟فقال:«ما رأيته عند أبي قطّ إلاّ
[1] الخلاصة:35 برقم 2. أقول:و غاية ما تدلّ هذه الرواية أنّ روايات جابر تتضمّن أمورا لا تتحمّلها عقول المجتمع،و تكشف عن علو مقامه و جلالة قدره،و تؤيّدها معنى الرواية المتقدمة.
[2] الكشي في رجاله:191 برقم 335. هذه الرواية لا بدّ من حملها على التقية لحفظ مهجة جابر؛لأنّ من المقطوع به،أنّ جابرا كان ممّن يدخل على محمد بن علي الباقر عليهما السلام،و بناء-على نقل ابن شهرآشوب في مناقبه كان بوابا له عليه السلام،و روايات جابر عنه في أبواب الفقه و غيرها كثيرة،فعليه لا محيص من حمل هذه الرواية على التقية و عدم إرادة ظاهرها،أو أنها موضوعة أو لفترة زمنية خاصة،فتفطّن.