العام!فقال له:كيف هذا؟قال:كان رأيا رأيته فرأيت العام غيره،قال:فتؤمّنني أن لا ترى من قابل شيئا آخر؟قال:لا أدري،فقال الرجل:لكنّي أدري أنّ عليك لعنة اللّه.
و كان الأوزاعي يقول:إنّا لا ننقم على أبي حنيفة أنّه يرى،و لكنّا ننقم عليه أنّه يجيئه الحديث عن النبيّ فيخالفه إلى غيره.
و قال أبو عوانة:كنت عند أبي حنيفة فسئل عن رجل سرق وديا،فقال:عليه القطع،فقلت له:حدّثنا يحيى بن سعيد،عن محمّد بن يحيى بن حبان،عن رافع بن خديج،قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«لا قطع في ثمر و لا كثر»فقال:ما بلغني هذا،قلت له:
فالرجل الذي أفتيته ردّه،قال:دعه فقد جرت به البغال الشهب.
و قال ابن راهويه:إنّ أبا حنيفة تحكم في الدين،كقوله:أقطع في الساج و القنا و لا أقطع في الخشب و الحطب،و أقطع في النورة و لا أقطع في الفخار و الزجاج.
و كان أبو حنيفة لا يدي لوليّ المقتول عمدا،قال:ليس له إلاّ أن يعفو أو يقتصّ و ليس له أن يأخذ الدية،و اللّه تعالى يقول: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصٰاصُ فِي الْقَتْلىٰ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثىٰ بِالْأُنْثىٰ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبٰاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَ أَدٰاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسٰانٍ يريد فمن عفا عن الدم فليتبع بالدية اتّباعا بالمعروف،أي:
يطالب مطالبة جميلة لا يرهق المطلوب،و ليؤدّ المطالب المطلوب أداء بإحسان لا مطل فيه و لا دفاع عن الوقت؛ثمّ قال: ذٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ رَحْمَةٌ يعني:
تخفيفا عن المسلمين ممّا كان بنو إسرائيل ألزموه،فإنّه لم يكن للوليّ إلاّ أن يقتصّ أو يعفو؛ثمّ قال: فَمَنِ اعْتَدىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ -أي:بعد أخذ الدية فقتل- فَلَهُ عَذٰابٌ أَلِيمٌ قالوا:يقتل و لا تؤخذ منه الدية،و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«لا اعافي أحدا قتل بعد أخذ الدية».
و هذا و أشباهه من مخالفة القرآن لا عذر فيه،و لا عذر له في مخالفة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد العلم بقوله [1].