اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 700
الخاتمة
في إرشاد الضلال
نقول لهؤلاء ،
وإنا لنعرف مرمى غرضهم فيما يريشون من النبال ، يمنون ما دون نيله خرط القتاد ، بل
ضرب أسداد على [أسداد][١] : (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ)[٢] ؛ قدروا معشر الضلال ، إذ عشش الجهل في نفوسكم ، وباض
وفرخ الباطل في ضمائركم ، وعميتم أبصارا وبصائر ، فما اهتديتم ؛ تقديرا باطلا ، أن
محمدا ، عليهالسلام ، ما كان نبيا ، وقدروا أن القرآن كلامه ، أفعميتم أن
تدركوا ضوء النهار بين أيديكم ، أن قد كان أفصح العرب ، وأملكهم لزمام الفصاحة
والبلاغة غير مدافع ولا منازع ، وكلام مثله [حري][٣] أن يجل عن الانتقاد ، فضلا أن يحدر لثامه عن الزيف لدى
النقاد ، فالقرآن الذي زعمتموه كلامه ، أما كان يقتضي بالبيت أن يكون [أحرى][٤] كلام على الاستقامة : لفظا وإعرابا ، وفصاحة وبلاغة ،
وسلامة عن كل مغمز ، وحقيقا بأن يكتب على الحدق بذوب الذهب ، فإذ قد جهلتم حقه
هناك ، أما اقتضى ، لا أقل ، أن يلين شكيمتكم ، ليخلص منكم كفافا ، لا عليه ولا له
، ثم قدروا حيث أعماكم الخذلان ، وأمطاكم ظهر السفه ، أنه ما كان أفصح العرب ،
وأنه كان كآحاد الأوساط ، قد تعمد ترويج كلامه ، أما كان لكم في أنه مروّج ـ والعياذ
بالله ـ ، وازع يزعكم أن تجازفوا ، فالمروّج كما لا يخفى ، وإن صادف الشمل سكرى
تدير عليهم الغباوة كؤوسها ، وجثثا تغرز في سنة من الغفلة رءوسها ، يحتاط فيما
يتعمد رواجه عليهم ، لا يألو فيه تهذيبا وتنقيحا ، فكيف إذا صادفه مشتملا على
أيقاظ متفطنين ، لا يبارون قوة ذكاء ، وإصابة حدس ، وحدّة ألمعية ، وصدق