اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 620
الفصل الثاني
في تتبع الأوزان
اعلم أن النوع
الباحث عن هذا القبيل يسمى علم العروض : وما أهم السلف فيه إلا تتبع الأوزان التي
عليها أشعار العرب ، فلا يظنن أحد الفضول عندهم في الباب ، من ضم زيادة على ما
حصروه ، ليست في كلام العرب ، فضلا على الإمام الخليل بن أحمد ذلك البحر الزاخر ،
مخترع هذا النوع ، وعلى الأئمة المغترفين منه من العلماء المتقدمين به ، في ذلك ،
رضوان الله عليهم أجمعين ؛ وإلا فمن أنبأ لهم لم يكونوا يرون الزيادة على التي
حصروها من حيث الوزن مستقيمة ، والزيادة عليها تنادي بأرفع صوت [١] :
لقد وجدت
مكان القول ذا سعة ...
فإن وجدت
لسانا قائلا فقل
لا للطبع
المستقيم أن يزيد عليها شيئا ، ولا [حاكم][٢] في هذه الصناعة إلا استقامة الطبع وتفاوت الطباع في
شأنها معلوم ، وهي المعلم الأول المستغني عن التعلم ، فاعرف وإياك إن نقل إليك وزن
منسوب إلى العرب ، لا تراه في الحصر ، أن تعد فواته قصورا في المخترع ، فلعله تعمد
إهماله لجهة من الجهات ، أو أي نقيصة في أن يفوته شيء ، هو في زاوية من زوايا
النقل لا زوايا العقل ، على أنه إن عد قصورا ، كان العيب فيه لمقدمي عهده ، حيث لم
يهيئوا لإمام مثله ما يتم له المطلوب من مجرد نقل الرواة ومجرد الاستظهار بذلك ،
اللهم صبرا.
فصل : أوزان أشعار العرب
وإذ قد وقفت
على هذا ، فاعلم أن أوزان أشعار العرب ، بوساطة الاستقراء لمختلفاتها ، ترجع عند
الخليل بن أحمد ، رحمهالله ، بحكم المناسبات المعتبرة على وجهها في الضبط ،
والتجنب عن الانتشار ، إلى خمسة عشر أصلا ، يسميها : بحورا.