اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 608
مزيد عليهن ، وأن الأولى هي التي تستبد بالنفس ، وأن ما عداها تستمد منها
بالارتداد إليها ، فقل لي : إن كانت التلاوة أفادت شيئا؟ هل هو غير المصير إلى
ضروب أربعة؟ بل إلى اثنين؟ محصولهما إذا أنت وفيت النظر إلى المطلوب حقه ، إلزام
شيء يستلزم شيئا ، فيتوصل بذاك إلى الإثبات. أو يعاند شيئا فيتوصل بذلك إلى النفي
، ما أظنك ، إن صدق الظن ، يجول في ضميرك حائل سواه.
ثم إذا كان
حاصل الاستدلال ، عند رفع الحجب ، هو ما أنت تشاهد بنور البصيرة ، فوحقك إذا شبهت
قائلا : خ خ خدها وردة ، تصنع شيئا سوى أن تلزم الخد ما تعرفه يستلزم الحمرة
الصافية ، فيتوصل بذلك إلى وصف الخد بها.
أو هل إذا كنيت
قائلا : خ خ فلان جم الرماد ، تثبت شيئا غير أن تثبت لفلان كثرة الرماد المستتبعة
للقرى ، توصلا بذلك إلى اتصاف فلان بالمضيافية عند سامعك؟.
أو هل إذا
استعرت قائلا : في الحمام أسد ، تريد أن تبرز من هو في الحمام في معرض من سداه
ولحمته شدة البطش ، وجراءة المقدم مع كمال الهيبة ، فاعلا ذلك ليتسم فلان بهاتيك
السمات؟.
أو هل تسلك إذا
رمت سلب ما تقدم ، فقلت : خدها باذنجانة سوداء ، أو قلت :
[قدر][١] فلان بيضاء ، أو قلت : في الحمام فراشة ، مسلكا غير إلزام المعاند بدل
المستلزم ، ليتخذ ذريعة إلى السلب هنالك؟
أرأيت ، والحال
هذا ، إن ألقي إليك زمام الحكم أتجدك لا تستحي أن تحكم بغير ما حكمنا نحن ، أو
تهجس في ضميرك : أنى يعشو صاحب التشبيه أو الكناية أو الاستعارة إلى نار المستدل؟
ما أبعد التمييز بمجرده أن يسوغ ذلك ، فضلا أن يسوغه العقل الكامل ، والله
المستعان.
هذا ، وكم ترى
المستدل يتفنن فيسلك : تارة طريق التصريح فيتمم الدلالة ، وأخرى