وإذ قد عثرت
على القياسات ومجاريها وأحوالها ، وأن هنا أمورا شبيهة بالقياس ، فلا حرج أن نشير
إليها إشارة خفيفة.
منها التقسيم
والسبر وذلك : أن تجعل [٢] المبتدأ ملزوم أحد خبرين ، أو أخبار تحصرها ، ليتعين
واحد من ذلك المجموع عند النفي لما عداه ، كما تقول : زيد إما في الدار أو في
المسجد أو في السوق ، لكنه ليس في السوق ولا في المسجد ، فإذن هو في الدار. وإن
هذا النوع ، متى صح حصره وصدق نفيه ، أفاد اليقين.
ومنها :
الاستقراء ، وهو انتزاع حكم كلي عن جزئيات ، وأنه إذا تيسرت الإحاطة بجميع
الجزئيات ، حتى لا يشذ عنها واحد ، أفاد اليقين. ومن للمستقرئ بذاك؟
ومنها التمثيل
: وهو تعديد الحكم عن جزئي إلى آخر لمشابهة بينهما ، وأنه أيضا مما لا يفيد اليقين
إلا إذا علم بالقطع أن وجه الشبه هو علة الحكم ، ولكن تسكب فيه العبرات.
فصل : في الدليل
وهذا أوان أن
نثني عنان القلم إلى تحقيق ما عساك تنتظر منذ افتتحنا الكلام في هذه التكملة أن
نحققه ، أو عل صبرك قد عيل له ، وهو : أن صاحب التشبيه ، أو الكناية ، أو
الاستعارة ، كيف يسلك في شأن متوخاه مسلك صاحب الاستدلال ، وأنى يعشو أحدهما إلى
نار الآخر والجد وتحقيق المرام [مظنة][٣] هذا ، والهزل وتلفيق الكلام مظنة هذا؟ فنقول ، وبالله
الحول والقوة ، أليس قد تلي عليك : أن صور الاستدلال أربع لا