اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 469
الإنسان من منهضم متناولاته ، أو كما إذا استعار صاحب الحقيقة الشرعية خ خ
الصلاة : للدعاء ، أو صاحب العرف خ خ الدابة : للحمار ، والمراد بنوع حقيقتها
اللغوية ، إن كانت إياها ، أو الشرعية أو العرفية ، أية كانت. وقولي : خ خ مع
قرينة مانعة عن إرادة معناها في ذلك النوع ، احتراز عن الكناية ، فإن الكناية ،
كما ستعرف ، تستعمل فيراد بها المكنى عنه ، فتقع مستعملة في غير ما هي موضوعة له ،
مع أنا لا نسميها مجازا ، لعرائها عن هذا القيد.
ولك أن تقول :
المجاز هو الكلمة المستعملة ، في غير ما تدل عليه بنفسها دلالة ظاهرة ، استعمالا
في الغير ، بالنسبة إلى نوع حقيقتها ، مع قرينة مانعة عن إرادة ما تدل عليه بنفسها
، في ذلك النوع.
ولك أن تقول :
المجاز هو الكلمة المستعملة في معنى معناها بالتحقيق استعمالا في ذلك بالنسبة إلى
نوع حقيقتها مع قرينة مانعة عن إرادة معناها في ذلك النوع.
واعلم أنا لا
نقول : في عرفنا ، استعملت الكلمة فيما تدل عليه ، أو في غير ما تدل عليه ، حتى
يكون الغرض الأصلي طلب دلالتها على المستعمل فيه ، ومن حق الكلمة ، في الحقيقة ،
التي ليست بكناية ، أن تستغني في الدلالة على المراد منها بنفسها عن الغير ،
لتعينها له بجهة الوضع ، وأما ما يظن بالمشترك من الاحتياج إلى القرينة في دلالته
على ما هو معناه ، فقد عرفت أن منشأ هذا الظن عدم تحصيل معنى المشترك الدائر بين
وضعين ، وحق الكلمة في المجاز أن لا تستغني عن الغير في الدلالة على ما يراد منها
، ليعينها له ذلك الغير.
وسميت الحقيقة
حقيقة لمكان التناسب ، وهو : أن الحقيقة إما خ خ فعيل ، بمعنى : مفعول من حققت
الشيء أحقه ، إذا أثبته ، فمعناها المثبت ؛ والكلمة متى استعملت فيما كانت موضوعة
له ، دالة عليه بنفسها ، كانت مثبتة في موضعها الأصلي ، وإما خ خ فعيل ، بمعنى : خ
خ فاعل ، من حق الشيء يحق إذا وجب ، فمعناها الواجب وهو الثابت.
والكلمة
المستعملة فيما هي موضوعة له ثابتة في موضعها الأصلي ، واجب لها ذلك ، وأما التاء
فهو عندي للتأنيث في الوجهين لتقدير لفظ الحقيقة قبل التسمية صفة مؤنث غير مجراة
على الموصوف ، وهو الكلمة.
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 469