اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 470
وكذا المجاز
سمي : مجازا لجهة التناسب ؛ لأن المجاز خ خ مفعل من جاز المكان يجوزه إذا تعداه ،
والكلمة إذا استعملت في غير ما هي موضع له ، وهو ما تدل عليه بنفسها ، فقد تعدت
موضعها الأصلي ، واعتبار التناسب في التسمية مزلة أقدام ، ربما شاهدت فيها من
الزلل ما تعجبت ، فإياك والتسوية بين تسمية إنسان له حمرة بأحمر ، وبين وصفه بأحمر
، أن تزل. فإن اعتبار المعنى في التسمية لترجيح الاسم على غيره حال تخصيصه بالمسمى
، واعتبار المعنى في الوصف لصحة إطلاقه عليه ، فأين أحدهما عن الآخر ، وأن كثيرا
سووا ، ثم سمعونا نقول : الله عز اسمه ، سمي : الله ، لكونه محار عقول ، اشتقاقا
من كذا ، أو لكونه معبودا ، اشتقاقا من كذا ، فظنونا أسأنا ، فأخذوا يرمون ،
والمرمى حيث بانوا وظلوا ، إله الخلق غفرا.
تحديد الحقيقة والمجاز :
وتحد الحقيقة
والمجاز عند أصحابنا في هذا النوع بغير ما ذكرت.
يحدون الحقيقة
هكذا : كل كلمة أريد بها ما وقعت له في وضع واضع وقوعا لا تستند فيه إلى غيره ،
وإنما يقولون : خ خ واضع ، بالتنكير دون التعريف ليعم واضع اللغة ، وغيره من أصحاب
الأوضاع المتأخرة عن وضع اللغة ، والضمير في : خ خ فيه ، يعود إلى الوقوع ، وفي :
خ خ غيره ، يعود إلى الوضع ، وإنما يذكرون هذا القيد تقريرا للمعنى الأول ، مثل أن
يقولوا : كل كلمة أريد بها ما وقعت له في وضع واضع ، لا ما وقعت له في غير وضع
واضع ، والذي تقع له الكلمة في غير الوضع ، هو ما تتناوله عقلا بواسطة الوضع ، كما
إذا وقعت للعشرة مثلا في الوضع ، فإنها تكون واقعة لخمسة وخمسة ، إلا أنها في
وقوعها لخمسة وخمسة تستند إلى غير الوضع ، وهو العقل.
ويحدون المجاز
هكذا : كل كلمة أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضع لملاحظة بين الثاني والأول ؛
فتأمل قولي وقولهم.
واعلم أن
الكلمة حال وضعها اللغوي ، لما عرفت من أن الحقيقة ترجع إلى إثبات الكلمة في
موضعها ، وأن المجاز يرجع إلى إخراج الكلمة عن موضعها ، حقها أن لا تسمى حقيقة ولا
مجازا ، كالجسم حال الحدوث لا يسمى ساكنا ولا متحركا.
وأما حال
الوضعين الأخيرين ، فحقها كذلك ، لكن في الأول بإطلاق ، وفي
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 470