اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 368
قوله : (وَلا تُجْزَوْنَ
إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[١] خطاب عام لأهل المحشر ، وأن قوله : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ
فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) إلى قوله : (أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ) متقيد بهذا الخطاب ، لكونه تفصيلا لما أجمله : (وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ) وأن التقدير : إن أصحاب الجنة منكم يأهل المحشر ، ثم
جاء في التفسير أن قوله هذا : (إِنَّ أَصْحابَ
الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) يقال لهم ، حين يسار بهم إلى الجنة ، بتنزيل ما هو
للكون منزلة الكائن ، فانظر بعد تحرير معنى الآية : وهو أن أصحاب الجنة منكم يأهل
المحشر ، تؤول حالهم إلى أسعد حال ، كيف اشتمل المقام على معنى فليمتازوا عنكم إلى
الجنة.
وأما كونه
مشركا بين المعطوف والمعطوف عليه في الذي نحن بصدده ، في جهات تجمعهما ، فغير خاف
، ونحو قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَها
نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ
الْعالَمِينَ* يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* وَأَلْقِ
عَصاكَ)[٢].
فإن الكلام
مشتمل على تضمين الطلب معنى الخبر ، وذلك أن قوله : (وَأَلْقِ عَصاكَ) معطوف على قوله : (أَنْ بُورِكَ) والمعنى فلما جاءها ، قيل : بورك ، وقيل : ألق عصاك ،
لما عرفت في علم النحو أن" أن" هذه لا تأتي إلّا بعد فعل في معنى القول
، وإذا قيل : كتبت إليه أن أرجع وناداني أن قم كان بمنزلة : قلت له : ارجع ، وقال
لي : قم ، وأما قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)[٣] بعد قوله : (أُعِدَّتْ
لِلْكافِرِينَ)[٤] فيعد معطوفا على : (فَاتَّقُوا النَّارَ
الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) وعندي أنه معطوف على قل مرادا قبل : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ