اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 367
بعدهما ، أو لا تنص إليه صورة الأرض [تليها][١] بعدهن ، لا ، وإنما الحضري حيث لم تتآخذ عنده تلك
الأمور ، وما جمع خياله تلك الصور على ذلك الوجه ، إذا تلا الآية قبل أن يقف على
ما ذكرت ، ظن النسق بجهله معيبا ، للعيب فيه.
التوسط :
وأما الحالة
المقتضية للتوسط بين كمال الاتصال وكمال الانقطاع فهي : إن اختلفا خبرا وطلبا أن
يكون المقام مشتملا على ما يزيل الاختلاف ، من تضمين الخبر معنى الطلب ، أو الطلب
معنى الخبر ، ومشركا بينهما في جهات جامعة مما تليت عليك على نحو قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي
إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي
الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا)[٢] إذ لا يخفى أن قوله : " لا تعبدون" مضمن معنى
لا تعبدوا. وقوله : (إِنَّ أَصْحابَ
الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ* هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى
الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ* لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ* سَلامٌ
قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ* وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)[٣] فإن المقام مشتمل على تضمين (" إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ") معنى الطلب ، بيان ذلك أن الذي قبله من قوله : (فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)[٤] كلام وقت الحشر من غير شبهة لوروده معطوفا بالفاء على
قوله : (إِنْ كانَتْ إِلَّا
صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)[٥]. وعام لجميع الخلق لعموم قوله : (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) وأن الخطاب الوارد بعده على سبيل الالتفات في