اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 274
يحكى عن شريح :
أن رجلا أقر عنده بشيء ، ثم رجع ينكر ، فقال له شريح : خ خ شهد عليك ابن أخت خالتك
، آثر شريح التطويل ليعدل عن التصريح بنسبة الحماقة إلى المنكر ، لكون الإنكار بعد
الإقرار إدخالا للعنق في ربقة الكذب لا محالة ، أو للتهمة.
وكذا ما يحكى
عنه : أن عدي بن أرطاة أتاه ومعه امرأة له من أهل الكوفة يخاصمها ، فلما جلس بين
يدي شريح قال عدي : أين أنت؟ قال : بينك وبين الحائط. قال : إني امرؤ من أهل
الشام. قال : بعيد سحيق. قال : وإني قدمت العراق. قال : خير مقدم. قال : وتزوجت
هذه. قال : بالرفاء والبنين. قال : وإنها ولدت غلاما. قال : ليهنك الفارس. قال :
وأردت أن أنقلها إلى داري. قال : المرء أحق بأهله. قال : قد كنت شرطت لها وكرها.
قال : الشرط أملك. قال : اقض بيننا. قال : فعلت. قال : فعلى من قضيت؟ قال : على
ابن أمك.
عدل شريح عن
لفظ عليك لئلا يواجهه بالتصريح على ما يشق على المخاصم من القضاء عليه.
أو أن تومىء
بذلك إلى وجه بناء الخبر الذي تبنيه عليه ، فتقول : خ خ الذين آمنوا لهم درجات
النعيم ، والذين كفروا لهم دركات الجحيم ، ثم يتفرع على هذا اعتبارات لطيفة ربما
جعل ذريعة إلى التعريض بالتعظيم ، كقولك : خ خ الذي يرافقك يستحق الإجلال والرفع ،
والذي يفارقك يستحق الإذلال والصفع ، ومنه قولهم : خ خ جاء بعد اللتيا والتي [١].
وسيأتيك في فصل
الإيجاز معناه ، أو بالإهانة ، كما إذا قلبت الخبر في الصورتين ، وربما جعل ذريعة
إلى تعظيم شأن الخبر ، كقوله [٢] :
[١] اللتيا : تصغير
التي ، وهي الداهية الصغيرة والتي الداهية الكبيرة.
[٢]البيت من الكامل.
وهو للفرزدق همام بن غالب ، يفتخر ببيته في تميم على جرير ، المعاهد (١ / ١٠٣ ـ ١٠٤)
والتبيان (١ / ١٥٦).
اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 274