أو يذكر
احتياطا في إحضاره في ذهن السامع لقلة الاعتماد بالقرائن ، أو للتنبيه على غباوة
السامع ، أو لزيادة الإيضاح والتقرير ، أو لأن في ذكره تعظيما للمذكور ، أو إهانة
له ، كما يكون في بعض الأسامي ، والمقام مقام ذلك ، أو يذكر تبركا به واستلذاذا له
، كما يقول الموحد : خ خ الله خالق كل شيء ، ورازق كل حي ، أو لأن إصغاء السامع
مطلوب فيبسط الكلام افتراضا بسط موسى إذ قيل له : (وَما تِلْكَ
بِيَمِينِكَ)[٢] وكان يتم الجواب بمجرد أن يقول : عصا ، ثم ذكر المسند
إليه وزاد : فقال (هِيَ عَصايَ
أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى)[٣] ، ونظيره في البسط : (نَعْبُدُ أَصْناماً
فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ)[٤] قد بسطوا الكلام ابتهاجا منهم بعبادة الأصنام ،
وافتخارا بمواظبتها ، منحرفين عن الجواب المطابق المختصر ، وهو أصناما. أو لأن
الأصل في المسند إليه هو كونه مذكورا أو ما جرى هذا المجرى.
[١]البيت من الكامل
، وهو لخويلد بن خالد المعروف بأبى ذؤيب الهذلي في الدرر (٣ / ١٠٢) ، وشرح
اختيارات المفضل ص ١٦٩٣ ، وشرح أشعار الهذليين (١ / ٧) وبلا نسبة في همع الهوامع (١
/ ٢٠٦).
[٣] سورة طه ، الآية
١٨. وفي ذكر المسند إليه هنا نكتة أخرى ، وهى أنه لما كان السؤال عن العصا وهى شىء
معلوم لا يرتاب فيه ولا يحتاج إلى السؤال عنه ، فكأن ذلك أوقع في نفس موسى تشكيك
السائل ، سبحانه ، له في حقيقة المسئول عنه ، فلجأ موسى إلى التأكيد بذكر المسند
إليه. وهنا أمر آخر ينبغي الالتفات إليه ، وهو مراعاة حال المتكلم ، حيث يدل ذلك
الإطناب من موسى ، عليهالسلام
، ما كان عليه من أريحية وائتناس بمخاطبة الذات العلية ورغبته في إطالة المقام.
والله تعالى أعلم.