responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الكافية الشّافية المؤلف : ابن مالك    الجزء : 1  صفحة : 208

إذا استعملت فى صورة الجحد أثبتت

وإن أثبتت قامت مقام جحود [١]

ومراد هذا القائل «كاد» ؛ ومن زعم هذا فليس بمصيب.

بل حكم «كاد» حكم سائر الأفعال فى أن معناها منفى إذا صحبها حرف نفى ، وثابت إذا لم يصحبها.

فإذا قال قائل : «كاد زيد يبكى» فمعناه : قارب زيد البكاء ؛ المقاربة ثابتة ، ونفى البكاء منتف.

فإذا قال : «لم يكد يبكى» فمعناه : لم يقارب البكاء ؛ فمقاربة البكاء منتفية ، ونفى البكاء منتف ، انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة.

ولهذا كان قول ذى الرمة : [من الطويل]

إذا غيّر النّأى المحبّين لم يكد

رسيس [٢] الهوى من حبّ ميّة يبرح [٣]

صحيحا بليغا ؛ لأن معناه : إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبى التغير ، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه.

فهذا أبلغ من أن يقول : لم يبرح ؛ لأنه قد يكون غير بارح ، وهو قريب من البراح ، بخلاف المخبر عنه بنفى مقاربة البراح.

وكذا قوله ـ تعالى ـ : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور : ٤٠] وهو أبلغ فى نفى الرؤية من أن يقال : (لم يرها).

لأن من لم ير قد يقارب الرؤية ؛ بخلاف من لم ير ولم يقارب.

وأما قوله تعالى : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] فكلام يتضمن كلامين مضمون كل واحد منهما فى وقت غير وقت الآخر ؛ والتقدير : فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح والله أعلم.

أو قد يكون نفيها إعلاما ببطء الوقوع ، والثبوت حاصل كقوله ـ تعالى ـ : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) [النساء : ٧٨] أى : يفقهون ببطء وعسر.

قال الأخفش فى قوله : ـ تعالى ـ (لَمْ يَكَدْ يَراها) [النور : ٤٠]


[١]ينظر : الهمع (١ / ١٣٢) ، والدرر (١ / ١١٠) ، والأشمونى (١ / ٢٦٨).

[٢] يقال : رسّ الغرام فى قلبه : ثبت ودخل. الوسيط (رسس).

[٣]البيت فى ديوانه ص ١١٩٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٠٩ ، ٣١٢ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٣٤ ، وشرح المفصل ٧ / ١٢٤ ، ولسان العرب (رسس).

اسم الکتاب : شرح الكافية الشّافية المؤلف : ابن مالك    الجزء : 1  صفحة : 208
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست