فالضمير في ذريته عائد على إبراهيم لا على إسحاق ولا على يعقوب صلوات الله
عليهم أجمعين ؛ لأن المحدث عنه من أول القصة إلى آخرها هو إبراهيم [١].
قال
المصنف : «جعلوا تقديم مفسر الغائب خلفا عمّا فاته من مقارنة
المشاهدة ؛ ومقتضى هذا القصد تقديم الشعور بالمفسر كما يتقدم الشعور بذات يصلح أن
يعبر عنها بضمير حاضر.
واللائق
بالمفسر لكونه كجزء المفسر [٢] في تكميل وضوحه أن يتصل به ؛ فلذلك إذا ذكر ضمير واحد
بعد اثنين فصاعدا ، جعل للأقرب ولا يجعل لغيره إلا بدليل من خارج» انتهى [٣].
ولكون الضمير
لا يعود إلا على الأقرب ، قال الشيخ : «استدلّ ابن حزم على تحريم جميع الخنزير
لحما وشحما وجلدا وغيرها بقوله تعالى : (فَإِنَّهُ رِجْسٌ)[٤] بعد قوله تعالى : (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) لما ألزم أن يقول بتحليل شحم الخنزير. فجعل الضمير في (فَإِنَّهُ) عائدا على الخنزير ؛ لأنّه أقرب مذكور ، وإنما ذكر
اللحم أولا لأنه هو المعهود أكله لمن يأكله لا على جهة حصر التحريم فيه» انتهى [٥].
ثم المفسّر قد
يستغنى عن ذكره ، ويدل عليه ما يفهم من سياق الكلام ، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله
: أو
مستغنى عنه بحضور مدلوله حسّا أو علما.
والأكثر كونه
مذكورا ، وقد يستغنى عن ذكره بذكر ما يدل عليه مما بينه وبينه نسبة للجزئية أو
الكلية أو غيرهما كما سيأتي. ـ
[٥]التذييل والتكميل
(٢ / ٢٥٣). وقال أبو حيان في تفسيره المسمى بالبحر المحيط (٤ / ٢٤١) : عند تفسير
هذه الآية : «والظّاهر أنّ الضّمير في (فَإِنَّهُ)
عائد على (لَحْمَ
خِنزِيرٍ ،)
وزعم أبو محمد بن حزم ، فقال : إنه عائد على (خِنزِيرٍ)
فإنه أقرب مذكور ، فإذا احتمل العودة على شيئين كان عوده على الأقرب أرجح. وعورض
بأن المحدّث عنه إنما هو اللّحم ، وجاء ذكر الخنزير على سبيل الإضافة إليه لا أنّه
هو المحدّث عنه المعطوف».
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 540