رحمهالله تعالى ، من أن المعارف كلها مستوية الرتبة ، فلا يصح أن
يقال : هذا أعرف من هذا ؛ لأن المعرفة لا تتفاضل. ولا يصح أن يقال : عرفت هذا أكثر
من هذا ؛ لأنه يكون في حق المرجوح المعرفة جهلا ؛ فالذي أشار إليه ابن حزم وإن كان
صحيحا في نفسه هو غير ما أراده أهل الصناعة النحوية [١].
ثم
إن المنادى والموصول لم يخصا بالذكر عند التعرض لذكر التفاضل بين المعارف :
أما على رأي من
لا يعدهما قسمين برأسيهما فظاهر ، وأما على رأي من يعدهما كالمصنف ، فلأنه جعل
المنادى في رتبة المشار إليه ، والموصول في رتبة ذي الأداة ؛
فعلى
هذا إنما يذكر التفاضل بين الخمسة الباقية وهي :
المضمر ،
والعلم ، والمشار به ، وذو الأداة [٢] ، والمضاف إلى أحدهما.
واعلم أنه ما
من شيء من المعارف المذكورة إلا قيل إنه أعرف من بقيتها إلا المضاف. وسببه أن
المضاف إنما يكتسب التعريف من الذي أضيف إليه ، فلا يمكن جعله أعرف مما اكتسب منه
التعريف.
إذا
تقرر هذا : فقيل : المضمر أعرفها ، وعلى ذلك الجمهور وهو مذهب سيبويه ، وقيل : العلم
أعرفها ، وعزي إلى الكوفيين والصيمري [٣] ، وقيل : اسم الإشارة أعرفها ، ونسب إلى ابن السراج ،
وقيل : المعرف بأل أعرفها.
والأصح
: أن الضمير
أعرفها ، ثم يليه العلم ، ثم اسم الإشارة ، ثم ذو الأداة ، وهذا هو الذي أورده
المصنف. وقد تقدم أن المنادى في رتبة المشار به ؛ وأن الموصول ـ
والمؤلفين والعلماء.
من مؤلفاته : طوق الحمامة في الأدب ، وجمهرة الأنساب في التراجم ، وغير ذلك من
الكتب ، وتوفي سنة (٤٥٦ ه) ، ترجمته في الأعلام (٥ / ٥٩).
[٢] ويدخل في المشار
به وفي مرتبته : المنادى ، كما يدخل الموصول في ذي الأداة ويكون في مرتبته.
[٣]هو عبد الله بن
علي بن إسحق الصيمري النحوي أبو محمد ، قال السيوطي : له التبصرة في النحو ، وهو
كتاب جليل أكثر ما يشتغل به أهل المغرب. وقال : أكثر أبو حيان من النقل عنه. انظر
ترجمته وأخباره في بغية الوعاة (٢ / ٤٩). وكتاب التبصرة المذكور طبع في دار الفكر
بدمشق سنة (١٩٨٢ م) بتحقيق الدكتور فتحي أحمد مصطفى علي الدين (جزآن في مجلدين).
وانظر رأي الصيمري في أعرف المعارف ، كتابه المذكور (١ / ٩٥ ، ١٧٢).
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 434