وإذا ثبت هذا
فقد يقال : الآن يكون كذا وكذا بقصد التعبير بالآن عن المدة التي يقع الكون في
بعضها أو بقصد المبالغة في القرب إلا أنّ هذا خلاف الظاهر» [١] انتهى.
والجواب
: أن الآن حقيقة
في الزمان الحاضر ؛ فإذا صحب الفعل المستقبل كان ذلك قرينة صارفة له عن إرادة
الحال ويكون استعماله في المستقبل مجازا بالقرينة ؛ فالتجوز حينئذ في الظرف. وإذا
لم يكن الفعل مستقبلا ولا ماضيا كان على حقيقته ؛ إذ لا قرينة تصرفه فيتعين أن
يكون الفعل معه للحال كما ذهب إليه الأكثر.
ويؤيد
هذا قول الأبذي :
«ويعني بالآن
المستعملة على حقيقتها ؛ لأنّها إن تجوّز فيها واستعملت تقريبا صلحت مع الماضي
والمستقبل ، نحو قوله تعالى : (قالُوا الْآنَ جِئْتَ
بِالْحَقِ)[٢] ، (الْآنَ حَصْحَصَ
الْحَقُ)[٣] ، ونحو قوله تعالى : (فَالْآنَ
بَاشِرُوهُنَّ ،)[٤](فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ)[٥].
وقول المصنف : «إلا
أنّ هذا خلاف الظّاهر» يحتمل أن يرجع إلى قوله : «أو بقصد المبالغة في القرب» وهو
الأقرب. ويحتمل أن يرجع إلى ما ذكره بأثره فيكون مختارا لقول الأكثر في هذه
الصورة.
ومن
القرائن : لام الابتداء : نحو إني لأحبك.
قال
المصنف : «هي مخلصة للحال عند أكثرهم وليس كما ظنّوا ؛ بل جائز أن
يراد الاستقبال بالمقرون بها ، كقوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ
لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ)[٧] ، ـ
[٦] البيت من بحر
الوافر لعنترة بن شداد ، سبق الحديث عنه في الشاهد رقم (١٢) ، وقد استشهد به هنا
مرة أخرى على أن لفظ الآن لم يقصد به الحال ؛ وإنما تجوز فيه واستعمل في المستقبل.