وأقول
: إن الذي ذكره
المصنف لم يبطله الشيخ وإن الذي ذكره الشيخ لم يمنعه المصنف ، وذلك أن الذي قاله
المصنف :
«إنّ الاستقبال
لازم للأمريّة ؛ فما دامت موجودة فالاستقبال واجب ، وإنّ الاستقبال غير لازم
للخبريّة ، وكذا المضي ؛ بل يجوز تبدّل كلّ منهما بالآخر».
وهذا حق لا
يمكن إبطاله بوجه.
والذي ذكره
الشيخ : أن كلّا من صيغتي الخبر والأمر يجوز أن يخرج عن موضوعه الأصلي إلى غير
موضوعه وهو صحيح ، والمصنف لم يمنعه ؛ بل لم يتعرض في هذا الباب إلى ذلك أصلا.
والحاصل
: أنهما قسمان ،
كما قررناه في الكلام المتقدم ، وقد أدخل الأمر على الشيخ ، فخلط أحد القسمين
بالآخر ، وظن أن كلام المصنف غير متجه ، وقد بان لك أن الذي قرره المصنف لا شبهة
فيه [١].
غير أنه يتجه
على المصنف مؤاخذة. وهي كونه ذكر في هذا الفصل أن الماضي ينصرف إلى الحالي
بالإنشاء ، كبعت ، وإلى الاستقبال بالطلب ، كغفر الله لزيد [٢] ؛ لأن مقتضى تقريره المتقدم [٣] لا يورد هنا إلا ما كان فيه معنى الخبر باقيا ، وإنما
تغير زمانه فقط. أما ما نقل عن موضوعه الأصلي إلى غيره ، فلا.
ولا شك أن
الإنشاء والطلب المدلول عليهما بالماضي ، صارفان لصيغته عن ما وضعت له ؛ لأنه
موضوع للخبر ، وهما قسيماه ، فلا يناسب ذكرهما مع القرائن الصارفة للزمان دون معنى
الخبر.
وأما قوله في
المضارع [٤] : إنه يتخلص للاستقبال باقتضائه طلبا ، فهو وإن كان
الاستقبال ـ
[١] كل من الإمامين
نظر إلى الموضوع من ناحية ، فاختلفت وجهة النظر عندهما :
فابن مالك : نظر إلى أن زمن الاستقبال
مستفاد من الأمر حتما ، ومن المضارع جوازا ، وزمن الماضي مستفاد من الماضي.
وأبو حيان : نظر إلى الخبر والطلب
المستفادين من الأفعال كلها ، إما لفظا ومعنى وإما معنى فقط.
[٢] انظر (ص ٥) من
تسهيل الفوائد ، وانظر الصفحات القادمة في هذا الموضوع.
[٣] وهو أن الاستقبال
لازم للأمرية ويزول بزوالها ، والخبرية لازمة للماضي والمضارع. ولا تزول بتبديل
هذا مكان ذاك.
[٤] انظر (ص ٥) من
تسهيل الفوائد ، والصفحات القادمة أيضا في هذا الموضوع.
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 182