التاء التي للغائبة والغائبتين والغائبات غير التاء التي للمخاطب ؛ لأن هذه
تدل على الخطاب ، وتلك تدل على التأنيث عوضا من التاء الساكنة اللاحقة آخر الماضي
؛ فهما إن اشتركتا لفظا فمدلولهما مختلف.
وتبين بهذا :
أن التاء التي للمضارعة ثنتان : تاء خطاب وتاء تأنيث. وكذا يقال : أنت تفعلين
فالتاء لمحض الخطاب والتاء للتأنيث.
وأما
الياء : فجعلت للغائب
مطلقا ، توفية للقسمة ؛ لأن المتكلم خص بالهمزة ، والمخاطب خص ببدل الواو ، ولم
يبق من حروف العلة إلا الياء ، ولم يبق إلا الغائب فأعطيها.
ولما كان الفرق
بين المفرد وضديه يحصل في المخاطب والغائب بالضمير ، ولم يجعلوا في التكلم بين
المفرد وضده ضميرا للفرق ، أتي بالنون ؛ لتدل على المتكلم غير المفرد [١] ، وكانت النون أولى من غيرها ؛ لما بينها وبين أحرف
العلة من الشبه ؛ لأنها تدغم في الياء والواو ، وتبدل منها الألف ، ولهذا أعربت
الأمثلة الخمسة بها عند تعذر الحركات وتعذر أحرف العلة.
قال ناظر الجيش
: لما تقرر أن الأفعال ثلاثة ، وأن مدلول الفعل حدث وزمان ، وأن الأزمنة ثلاثة ،
شرع المصنف في ذكر صيغة صيغة ، وما وضعت له من الأزمنة ، وما يجوز أن يتجوز فيه من
تلك الصيغ بالقرائن ، فيستعمل مرادا به زمان آخر وما لا يجوز فيه ذلك ، والكلام
على هذا الموضع يستدعي ذكر مقدمة وهي أن يقال :
الكلام
نوعان : خبر وإنشاء : والطلب نوع من الإنشاء. ومنهم من جعله خبرا ـ
[١] معناه : أنك تقول
في المخاطب : أنت تقرأ ، وفي مثناه : تقرآن ، وفي جمعه : تقرؤون ، وفي الغائب :
هو يقرأ ، ويقرآن ، ويقرؤون ، وفيه بدأت
المضارع بالتاء للمخاطب مطلقا والياء للغائب كذلك ، وجعلت الفرق بين المفرد وضديه بالضمير
؛ فهو في الواحد واحد مستتر ، وفي المثنى ألف وفي الجمع واو ، أما في المتكلم وضده
فأنت لا تلحق ضميرا للفرق وذلك لأنك تقول : أنا أقرأ ونحن نقرأ. فلما لم يكن ضمير
في آخر المضارع يفرق ، جعل الفرق في أوله ؛ فكان المتكلم بالهمزة وجمعه بالنون.
وهو تعليل عقلي قاله النحاة. ترى هل
لاحظت العرب ذلك وهي تنطق؟ ما أعجب النحاة!.
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 178